في هذا المحلّ أو محلّ آخر تكون من صفات هذا الجوهر أو هذا العرض وأعراضه الطارئة عليه ، فهو يتصف بهذه المقارنة لا محالة ، فلا بدّ في كل من جزأي المركب إذا قيس بالإضافة إلى اتصافه بالمقارنة مع الجزء الآخر وعدمها من لحاظه إمّا مطلقاً أو مقيداً في مرتبة سابقة على وجود المقارن ، ومعه يرتفع موضوع الإطلاق والتقييد بالإضافة إلى ذات المقارن ، كما هو الحال بعينه في العرض ومحلّه حرفاً بحرف ، مع أنّه قدسسره لم يلتزم بذلك فيما عدا الأخير ، ولا ينبغي الالتزام به.
فالصحيح في الاستدلال على اعتبار الاتصاف في هذا القسم اعني تركب الموضوع من العرض ومحلّه أن يقال : إنّ وجود الأعراض في أنفسها عين وجودها لموضوعاتها كما مرّ ، فهي في وجودها الخارجي لا تنفك عن وجود نسبة بينها وبين الموضوع ، لأن حقيقة وجود العرض سنخ حقيقة متقوم بالموضوع ومرتبط به ، في قبال وجود الجوهر الذي هو غني في ذاته عن القيام بالغير ، وغير متقوّم بشيء آخر.
وعليه فاذا كان الموضوع مركّباً من العرض ومحلّه كقوله : أكرم زيداً العادل. فلا يخلو إمّا أن يؤخذ العرض بما هو شيء في نفسه وموجود بحياله أينما تحقق ، مع إلغاء جهة النسبة والنعتية لمحلّه ، ومن غير تقيده بموضوع خاص. وإمّا أن يؤخذ مع لحاظ الانتساب والاتصاف ، وبما أنّه نعت لموضوع خاص وعرض قائم بمحلّ مخصوص.
لا سبيل إلى الأول ، إذ لازمه ترتيب الأثر على مطلق وجوده الساري ولو في غير هذا الموضوع ، فيجب إكرام مطلق العادل ولو لم يكن زيداً. وهذا خارج عن محل الكلام ، إذ هو خلف فرض التركّب من العرض ومحلّه كما هو ظاهر.
فلا مناص إلا من أخذه على النحو الثاني كي لا يترتب الحكم إلا على خصوص وجوده في ذلك الموضوع الخاص ، ولا معنى لذلك إلا أخذه ناعتاً وعلى سبيل مفاد كان الناقصة ، أي لحاظ اتصاف المحلّ به ، لما عرفت من أنّ