وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، فاعتبار وجود العدالة في خصوص زيد مثلاً هو بعينه ثبوت العدالة لزيد ، وهو عبارة أُخرى عن اتصاف زيد بالعدالة ، فإنّه معنى النعتية كما لا يخفى.
وعليه فاذا كان الوجود النعتي أعني الاتصاف المزبور بنفسه مسبوقاً بالحالة السابقة فكنّا سابقاً على يقين باتصاف زيد بالعدالة جرى فيه الاستصحاب ، والتأم الموضوع بضم الوجدان إلى الأصل ، وإلا فاستصحاب مجرد العدالة بمفاد كان التامة وبوجودها المحمولي لا يجدي في إثبات الاتصاف والوجود الناعتي ، كي يحرز معه الموضوع بضم الوجدان إلى الأصل إلا على القول بالأصل المثبت.
ومن هنا كان استصحاب العدم المحمولي في باب الأعدام والملكات غير مجدٍ في إثبات العدم النعتي ، أعني الاتصاف بالعدم الذي هو معنى عدم الملكة حيث إنّ العدم المضاف إلى الملكة له حظ من الوجود وهو الاتصاف بالعدم في قبال تقابل السلب والإيجاب فيما إذا كان الأثر مترتباً على ذاك العدم. فلو كان زيد الأعمى مثلاً موضوعاً للحكم ، وشك في زوال عماه ، فان كان بوصف كونه أعمى مسبوقاً بالحالة السابقة جرى استصحاب العدم النعتي ورتّب الأثر بضم الوجدان إلى الأصل ، وإلا فاستصحاب عدم اتصافه بالبصر الثابت أزلاً بنحو السالبة بانتفاء الموضوع لا يجدي في إثبات الاتصاف بعدم البصر الذي هو معنى العمى.
وكذا لو كان هناك أثر مترتب على عنوان الكافر وشك في إسلام زيد وكفره ، فاستصحاب عدم الإسلام أزلاً أو قبل البلوغ لا يثبت الاتصاف بعدم الإسلام الذي هو معنى الكفر ، إذ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، فانّ الكفر هو الاتصاف بعدم الإسلام (١) عمّن من شأنه ذلك لا مجرد عدم الإسلام. وكذا الحال في استصحاب عدم العلم أو عدم الغنى ، فإنّه لا يثبت بهما عنوان الجهل
__________________
(١) [ وفي الأصل : هو عدم الاتصاف بالإسلام. والصحيح ما أثبتناه ].