الموضوع. فلو كان موضوع الحكم زيد وعدم إبصاره لا عماه أمكن إحرازه بضم الوجدان إلى الأصل.
توضيح المقام : أنّ النعتية من لوازم وجود العرض ، ولا حاجة إلى عناية أكثر من ملاحظة ذاته بما هو عرض.
وأمّا عدم العرض فليس كذلك ، بداهة أنّ العدم لا يتقوّم بالموضوع كما يتقوّم به الوجود ، فلا يتصف به ، بل لا يقبل الاتصاف به إلا بعناية ، وهي الاتصاف بشيء ملازم لذلك العدم ، فلا يتصف زيد بعدم البصر ، بل بملازمة وهو العمى. ولا بعدم العلم ، بل بلازمه وهو الجهل وهكذا ، ضرورة أنّ النسبة إنّما تكون بين وجودين كالجوهر والعرض ، ولا تكاد تكون بين وجود وعدم إذ العدم لا يحتاج إلى الربط ، فمن ثمّ كان محمولياً بحسب طبعه إلا أن يدلّ دليله على لحاظه على سبيل الناعتية بنحو من العناية حسبما سمعت.
وما اشتهر وتداول على الألسن من أنّ النسبة سلبية تارة وإيجابية اخرى فليس المراد من السلبية ربط السلب ، بل سلب الربط ، فانّ الموضوع والمحمول لمّا كانت بينهما نسبة كلامية فقد يحكي المتكلم ثبوت شيء لشيء ، وقد يحكي عدم الثبوت. وليس المراد من الحكاية الثانية ربط ذلك العدم ، ضرورة أنّ العدم عدم في نفسه ، ولا يحتاج إلى موضوع يقوم به. فالمراد من النسبة السلبية أنّ الهيئة الكلامية تدل على نفي شيء عن شيء.
وممّا يرشدك إلى ذلك أنّ القضية الحملية سلبية كانت أم إيجابية لا تختص بالأعراض ، بل تجري في غيرها أيضاً ، كما في حمل الوجود على الماهية أو سلبه عنها في قولك : الإنسان موجود أو غير موجود. مع أنّه لا ربط بين الوجود والماهية ، إذ الماهية في نفسها لا وجود لها ، بل تتحقق بالوجود ، فلا يكون عارضاً عليها خارجاً بمعنى وجود شيء لشيء.
وهكذا الحال في الذاتي في باب الكلّيات كقولنا : زيد إنسان ، أو الإنسان حيوان ناطق. فإنّ النسبة الكلامية وإن كانت موجودة إلا أنّ النسبة الربطية