أعجبتكم كثرتكم » أي سرتكم وصرتم معجبين بكثرتكم ، وكان سبب انهزام المسلمين يوم حنين أن بعضهم قال حين رأى كثرة المسلمين : لن نغلب اليوم من قلة فانهزموا بعد ساعة ، وكانوا اثني عشر ألفا ، وقيل : عشرة آلاف ، وقيل : ثمانية آلاف والاول أصح « فلم تغن عنكم شيئا » أي فلم تدفع عنكم كثرتكم سوءا « وضاقت عليكم الارض بما رحبت » أى برحبها(١) والباء بمعنى « مع » والمعنى لم تجدوا من الارض موضعا للفرار إليه « ثم وليتم مدبرين » أي وليتم عن عدوكم منهزمين « ثم أنزل الله سكينته » أي رحمة التي تسكن إليها النفس ويزول معها الخوف « على رسوله وعلى المؤمنين » حين رجعوا إليهم وقاتلوهم ، وقيل : على المؤمنين الذين ثبتوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله : علي والعباس في نفر من بني هاشم عن الضحاك ، وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أنه قال : السكينة ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه الانسان ، فتكون مع الانبياء أورده العياشي مسندا. « وأنزل جمودا لم تروها » أراد به جنودا من الملائكة ، وقيل : إن الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين وتشجيعهم ولم يباشروا القتال يومئذ ، ولم يقاتلوا إلا يوم بدر خاصة « وعذب الذين كفروا » بالقتل والاسرو سلب الاموال والاولاد « وذلك جزاء الكافرين » أي ذلك العذاب جزاؤهم على كفرهم « ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء » أي يقبل توبة من تاب عن الشرك ورجع إلى طاعة الله والاسلام ، وندم على ما فعل من القبيح ، أو توبة من انهزم من بعد هزيمته(٢).
وفي قوله تعالى : « ومنهم من يلمزك » قال : نزلت في قسمة غنائم حنين(٣) وذكر رواية أبي سعيد الخدري كما سيأتي بروايته في إعلام الورى ، وسيأتي تفسير الآية في باب جمل ماجرى بينه وبين أصحابه صلىاللهعليهوآله.
١ ـ فس : « ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت
____________________
(١) في المصدر : برحبتها. (٢) مجمع البيان ٥ : ١٧ و ١٨.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٤٠.