قال كعب : فقلت له : أمن عندالله أم من عندك يا رسول الله؟ فقال : من عندالله ، و تصدق كعب بثلث ماله شكرا لله على توبته(١).
« لقد تاب الله » نزلت في غزاة تبوك وما لحق المسلمين فيها من العسرة حتى هم قوم بالرجوع ، ثم تداركهم لطف الله سبحانه ، قال الحسن : كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم يركب الرجل ساعة ثم ينزل(٢) فيركب صاحبه كذلك ، وكان زادهم الشعير المسوس ، والتمر المدود ، والا هالة السنخة(٣) وكان النفر منهم يخرجون ما معهم من التمرات بينهم ، فإذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمر فلاكها حتى يجد طعمها ، ثم يعطيها صاحبه فيمصها ، ثم يشرب عليها جرعة من ماء ، كذلك حتى يأتي على آخرهم ، فلا يبقى من التمرة إلا النواة. قالوا : وكان أبوخيثمة عبدالله بن خيثمة تخلف إلى أن مضى من مسير(٤) رسول الله صلىاللهعليهوآله عشرة أيام ، ثم دخل يوما على امرأتين له في يوم حار في عريشين لهما قد رشتاهما(٥) وبردتا الماء وهيأتا له الطعام ، فقام على العريشين وقال : سبحان الله! رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضح والريح والحر والقر(٦) يحمل سلاحه على عاتقه ، وأبوخيثمة في ظلال باردة ، وطعام مهيأ ، وامرأتين حسناوين ، ما هذا بالنصف ، ثم قال : والله لا أكلم(٧) واحدة منكما كلمة ، ولا أدخل عريشا حتى ألحق بالنبي صلىاللهعليهوآله ، فأناخ ناضحه واشتد(٨) عليه وتزود وارتحل وامرأتاه تكلمانه ولا يكلمهما ، ثم سار حتى إذا دنا من تبوك
____________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٦٧ و ٦٩. (٢) فينزل خ ل.
(٣) ساس وسوس الطعام : وقع فيه السوس فهو المسوس والمسوس وداد الطعام ودو وقع فيه الدود فهو المدود والمدود. وفى النهاية : وفيه انه كان يدعى إلى خبز الشعير والا هالة السنخة. كل شئ من الادهان مما يؤتدم به : اهالة. وقيل : هو ما اذيب من الالية والشحم و قيل : الدسم الحامد. والسنخة : المتغيرة الريح.
(٤) من مسيرة خ ل. (٥) في المصدر : قد رتبتاهما.
(٦) الضح : الشمس وضوؤها. والقر : البرد. وفي المصدر : في الفتح على الريح.
(٧) ما اكلم خ ل. (٨) وشد خ ل. أقول : الناضح : البعير يستقى عليه.