الفعلة الحسنى من التوسعة على أهل الضعف والعلة من المسلمين ، فأطلع الله نبيه على خبث سريرتهم فقال : « والله يشهد إنهم لكاذبون » فوجه رسول الله صلىاللهعليهوآله عند قدومه من تبوك عاصم بن عوف العجلاني ومالك بن الدخشم ، وكان مالك من بني عمرو بن عوف فقال : لهما : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحر قاه وروي أنه بعث عمار بن ياسر ووحشيا فحرقاه ، وأمر بأن يتخذ كناسة تلقى فيه الجيف ، ثم نهى الله نبيه أن يقوم في هذا المسجد فقال : « لا تقم فيه أبدا » أي لا تصل. ثم أقسم فقال : « لمسجد » أي والله لمسجد « أسس على التقوى » أي بني أصله على تقوى الله وطاعته « من أول يوم » أي منذ أول يوم وضع أساسه « أحق أن تقوم فيه » أي أولى بأن تصلي فيه ، واختلف في هذا المسجد فقيل : هو مسجد قباء وقيل : مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقيل : كل مسجد بني للاسلام وأريد به وجه الله تعالى « فيه » أي في هذا المسجد « رجال يحبون أن يتطهروا » أي يصلوا لله متطهرين بأبلغ الطهارة ، وقيل : يحبون أن يتطهروا من الذنوب ، وقيل : يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط والبول ، وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق عليهماالسلام وروي عن النبي (ص) أنه قال لاهل قباء : ماذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء؟ قالوا : نغسل أثر الغائط ، فقال : أنزل الله فيكم « والله يحب المطهرين » أي المتطهرين « أفمن أسس بنيانه » إلى قوله : « شفا جرف هار » الشفا : جرف الشئ وشفيرة ، وجرف الوادي : جانبه الذي ينحفر بالماء أصله ، وهار الجرف يهور هورا فهو هائر ، وتهور وانهار ، وهار أصله هائر ، وهو من المقلوب ، كما يقال : شاكي السلاح ، أي شائك ، وتهور البناء : تساقط ، فالله تعالى شبه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذه صفته » فانهار به في نار جهنم « أي يوقعه ذلك البناء في نار جهنم ، وروي عن جابر بن عبدالله أنه قال : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان » لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم « أي شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتا على