وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما ، ونجابهم من الروم ، وأنفذ رجلا(١) يقال له : عبدالرحمن بن سمرة إلى النبي صلىاللهعليهوآله بالخبر ، قال عبدالرحمن : فسرت إلى النبي صلىاللهعليهوآله فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله (ص) : « على رسلك يا عبد الرحمن » ثم قال صلىاللهعليهوآله : « أخذ اللواء زيد فقاتل به فتقل ، رحم الله زيدا ، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل ، رحم الله جعفرا ، ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة وقاتل فتقل ، فرحم الله عبدالله » قال : فبكى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وهم حوله فقال لهم النبي صلىاللهعليهوآله : « وما يبكيكم؟ » فقالوا : وما لنا لانبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا؟ فقال لهم صلىاللهعليهوآله : « لا تبكوا فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكبها ، وبنى مساكنها ، وحلق سعفها ، فأطعمت عاما فوجا ثم عاما ، ثم عاما فوجا(٢) فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا ، و أطولها شمراخا ، والذي بعثني بالحق نبيا ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلفا(٣) من حواريه » قال : وقال كعب بن مالك : يرثي جعفربن أبي طالب رضياللهعنه والمستشهدين معه :
هدت العيون(٤) ودمع عينك يهمل |
|
سحا كما وكف الضباب(٥) المخضل |
وكأن ما بين الجوانح والحشا |
|
مما تأو بني شهاب مدخل |
وجدا على النفر الذين تتابعوا |
|
يوما(٦) بمؤتة أسندوا لم ينقلوا(٧) |
فتغير القمر المنير لفقدهم |
|
والشمس قد كسفت وكادت تأفل |
قوم بهم نصر الاله(٨) عباده |
|
وعليهم نزل الكتاب المنزل |
____________________
(١) في المصدر : وأنفذ رجلا من المسلمين.
(٢) المصدر خال عن قوله : « ثم عاما فوجا » الثاني.
(٣) في المصدر : ( خلقا ) بالقاف. (٤) في سيرة ابن هشام : نام العيون.
(٥) في السيرة : « الطباب المخضل » ، والطباب : ثقب في خرزا المزادة التي يجعل فيها الماء.
(٦) قتلا خ ل. (٧) لم يقفلوا خ ل.
(٨) في السيرة : عصم الاله.