فأقدم أبا ذر إليك ، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك. والسلام.
فكتب إليه عثمان : أما بعد فاشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتاب هذا. والسلام
فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه وأقرأه كتاب عثمان ، وقال له : النجا الساعة فخرج أبوذر إلى راحلته فشدها بكورها وأنساعها ، فاجتمع إليه الناس فقالوا له : يابا ذر رحمك الله أين تريد؟ قال : أخرجوني إليكم غضبا علي ، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثاني ، ولا يزال هذا الامر فيما أرى شأنهم فيما بيني وبينهم حتى يستريح برا ، ويستراح من فاجر ، ومضى وسمع الناس بمخرجه فاتبعوه حتى خرج من دمشق ، فساروا معه حتى انتهى إلى دير المران فنزل ونزل معه الناس فاستقدم فصلى بهم ، ثم قال : أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم ، وتارك الخطب والتشقيق ، احمدوا الله عزوجل ، قالوا : الحمد لله ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ، فأجابوه بمثل ما قال ، فقال : أشهد أن البعث حق ، و وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأقر بما جاء من عند الله ، واشهدوا علي بذلك ، قالوا : نحن على ذلك من الشاهدين ، قال : ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته مالم يكن للمجرمين ظهيرا ، ولا لاعمال الظلمة مصلحا ولا لهم معينا ، أيها الناس أجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبا لله عزوجل إذا عصي في الارض ولا ترضوا أئمتكم بسخط الله ، وإن أحدثوا(١) مالا تعرفون فجانبوهم وازرؤا عليهم وإن عذبتم وحرمتم وسيرتم ، حتى يرضى الله عزوجل. فإن الله أعلى وأجل ، لا ينبغي أن يسخط برضا المخلوقين ، غفر الله لي ولكم ، أستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله ، فناداه الناس أن : سلم الله عليك ورحمك يابا ذر يا صاحب رسول الله ، ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك ، ألا نمنعك(٢)؟ فقال لهم : ارجعوا رحمكم الله ، فإني أصبر منكم على البلوى ، وإياكم والفرقة
____________________
(١) في المصدر : واذا احدثوا.
(٢) » : انا لا نردك ان كان هؤلاء القوم اخرجوك ولا نمنعك.