رزانته في أمر الدين وثباته في الحق وعلو قدره كما خاطبه الخضر عليهالسلام بقوله كنت كالجبل لا تحركه العواصف أو لكونه وتدا للأرض به تستقر كما أن الجبال أوتاد لها كما روي أنه عليهالسلام زر الأرض الذي تسكن عليه.
أو لكونه مهبطا لأنوار الله وتجلياته وإفاضاته كما أن ذلك الجبل كان كذلك أو لأنه عليهالسلام تولد منه الحسنان عليهالسلام كما نبتت من الطور الشجرتان وفسر البلد الأمين بمكة وإنما عبر عن النبي صلىاللهعليهوآله بها لكونه صاحب مكة ومشرفها أو لكونه لشرفه بين المقربين والمقدسين كمكة بين سائر الأرضين أو لأنه عليهالسلام من آمن به وبأهل بيته فهو آمن من الضلالة في الدنيا والعذاب في الآخرة كما أن من دخل مكة فهو آمن وقد قال صلىاللهعليهوآله أنا مدينة العلم وعلي بابها.
ويمكن إجراء مثل ما ذكرنا فيما رواه علي بن إبراهيم وإن كان التشبيه في غيرها أتم وأما تأويل الإنسان بأبي بكر فيحتمل أن يكون سببا لنزول الآية أو لأنه أكمل أفرادها ومصداقها في ظهور تلك الشقاوة فيه وكونه سببا لشقاوة غيره كما أن تأويل ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) بأمير المؤمنين عليهالسلام لكونه مورد نزوله أو أكمل أفراده على أنه يحتمل تخصيص في الموضعين فيكون الاستثناء منقطعا ويكون الجمع للتعظيم أو لدخول سائر الأئمة عليهالسلام فيه.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : ( فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) فأي شيء يكذبك يا محمد دلالة أو نطقا بعد بالدين بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل وقيل ما بمعنى من وقيل الخطاب للإنسان على الالتفات والمعنى فما الذي يحملك على الكذب (١).
١٦ ـ فر : تفسير فرات بن إبراهيم جعفر بن محمد بإسناده (٢) عن محمد بن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قول الله عز وجل : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال التين الحسن
__________________
(١) لم نجد هذه الألفاظ في تفسير البيضاوى والموجود فيه يخالف ذلك ، راجع أنوار التنزيل ٢ : ٦٦٧.
(٢) في المصدر : معنعنا عن محمد بن الفضيل بن يسار.