والسلطان الذي كان يحكم الناس في عهد الحسن البصري هو سلطان بني أُميّة . ومن هذه الرواية التاريخية يظهر أنّ بني أُميّة كانوا يتبنون مذهب الحتمية التاريخية والسلوكية إلىٰ حدود الارهاب والتعسف .
ومن عجب أنّ أئمّة الشرك كانوا يوجّهون شركهم بالله وعبادتهم للأوثان ودعوتهم إليها بمثل هذه الحتمية .
يقول تعالىٰ عن لسانهم : ( وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) ( الزخرف ٤٣ : ٢٠ ) .
وكما كان للسياسة دور في استغلال دور الحتمية الاُولى ، كذلك استغلت الحتمية الثانية استغلالاً واسعاً . . . فإنّ الحتميّة الكونيّة تؤدي بشكل قهري إلىٰ عزل سلطان الارادة الإلهية عن الكون . ولا ينافي ذلك الإيمان بأنّ الله تعالىٰ هو خالق هذا الكون ، فقد كان اليهود يؤمنون بالله تعالىٰ ويؤمنون بأن الله تعالى هو خالق هذا الكون . الا أنّهم كانوا يعتقدون أنّ هذا الكون يجري ويتحرك بعد أن خلقه الله تعالىٰ ضمن نظام قهري قائم علىٰ أساس الأسباب والمسببات ، دون أن يكون لله تعالىٰ أيّ دور في تدبير وادارة الكون ، وبتعبير آخر كانوا يؤمنون بأن الله تعالىٰ هو خالق هذا الكون دون أن يكون له دور في تدبير الكون ، ودون أن يكون مهيمناً عليه ، بينما يؤكد القرآن علىٰ صفة الخلق ، والهيمنة ، والتدبير لله تعالىٰ جميعاً ، وفي وقت واحد .
وبقدر ما يضعف في نظر
الانسان ، سلطان الله ونفوذه وتأثيره الفعلي