خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ( الصافات ٧٣ : ٦٩ ) . وليس للعباد شأن فى إيجاد أعمالهم وإبداعها ، فإنّ الإيجاد يختص بالله تعالىٰ في الأعمال والأعيان علىٰ نحو سواء ، وهذا هو مقتضى أصل ( عموم التوحيد ) علىٰ رأي الشيخ الأشعري .
فهو في الحقيقة يؤمن بمبدأ العلّية ، ولا ينفي أصل العلّية ، ولكنّه يؤمن بأنّ الله تعالىٰ هو علّة لكلّ شيء مباشرةً ، وليس علىٰ نحو التسبيب ، فَيُحلّ علّة واحدة محل العلل الكثيرة التي تتطلبها المخلوقات الكثيرة . ويرىٰ أنّ الاعتقاد بأنّ لإرادة الإنسان وقدرته دوراً في إيجاد العمل من الشرك الذي تنفيه الآية الكريمة ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) ( الصافات ٣٧ : ٩٦ ) .
وهذا هو الأصل الأول لدى الشيخ الأشعري . والأصل الثاني لدى الشيخ الأشعري هو أصل ( الكسب ) والتزم به الأشعري لئلّا ينتهي به الأمر إلىٰ ( الجبر ) وإبطال الثواب والعقاب وارتفاع المسؤولية عن الانسان ، وبالتالي لئلّا يضطر إلىٰ نفي صفة ( العدل ) عن الله تعالىٰ (٢) .
فإنّ افتراض نفي كل سلطان ودور للانسان في أفعاله يؤدي بالتالي إلىٰ إبطال الثواب والعقاب معه ، وليس من العدل عقاب العبد علىٰ فعل لم
________________
(١) هذه الآية الكريمة لا علاقة لها بما يُريد الأشاعرة فهي تتعلق بالحوار الذي جرىٰ بين إبراهيم عليهالسلام والمشركين من قومه . فقال لهم مستنكراً : ( أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) يعني إنّ الله خلقكم والأحجار التي تنحتونها أصناماً ( وَمَا تَعْمَلُونَ ) .
(٢) وإن كانوا لا يصرحون بهذا التوجيه الأخير .