علينا بنفس الملاك والتبرير أن ننسب إلىٰ الإنسان كل عمل يقوم به ، سواء كان من أعمال الجوارح كالصلاة والحج ، أو من أعمال الجوانح كالكف في الصيام بنية الصيام .
ومهما يكن من أمر فلا نريد أن نستسهل مناقشة نظرية كلامية أخذت وقتاً طويلاً وجهداً كثيراً من متكلّمي الإسلام بهذه الطريقة . . . إلّا أنّنا نريد أن نطلّ على هذا الموضوع إطلالة ، ونحيل القارئ إذا أراد التفصيل إلىٰ مكان هذه الدراسة من الموسوعات الكلامية من قبيل شروح المقاصد والمواقف (١) .
ولا نقصد من النظريات المادية النظريات القائمة علىٰ أساس رفض الإيمان بالله تعالىٰ . وإنّما نقصد بذلك ما يقابل الحتمية الإلهية التي يتبناها الأشاعرة من نسبة كل فعل إلىٰ الله تعالىٰ في حياة الأفراد وفي حركة التاريخ . وهي التي تنسب الحتمية في سلوك الأفراد والجماعات إلىٰ مصادر أخرىٰ غير الله تعالىٰ .
ومن رواد هذه النظرية في الغرب ( منتسكيو ) في كتابه ( روح القوانين ) ، و ( اشبنكلر ) في كتابه ( تدهور الحضارة الغربية ) ، و ( دور كهايم ) العالم الاجتماعي الفرنسي الشهير . ويذهب هذا الأخير إلىٰ أنّ الحياة الاجتماعية تتقرر بصورة منفصلة عن إرادة الأفراد ورغباتهم . وتتصف العلاقات والشؤون الاجتماعية من الأخلاق والمعارف والثقافة
________________
(١) شرح المقاصد ، للتفتازاني ـ وشرح المواقف ، للجرجاني .