ومن العجب أن هذا التفسير الوسط لمذهب القرآن في مسألة أفعال الإنسان وسلوكه علىٰ وضوحه ، ظل مختفياً في العصور الإسلامية الأولىٰ عن الحوار العقلي الذي كان يجري بين علماء المسلمين في مذهب القرآن من هذه المسألة .
وحتىٰ بعد أن أعلن أهل البيت عليهمالسلام هذا الرأي واشتهر عنهم ، ظل هذا الرأي مجهولاً غير معروف في الحوار العقلي الذي كان يجري يوم ذاك في العصر العباسي وما بعده ، وهو أمر مثير للسؤال فعلاً . كيف انشطر علماء المسلمين من غير مدرسة أهل البيت إلىٰ هذين المذهبين رغم صراحة القرآن ووضوحه في نفي كل منهما .
إنّ السبب في ذلك ـ كما يبدو ـ أنّ المعتزلة أرادوا بمسألة استقلالية الإنسان في الاختيار والإرادة التخلص من تبعة إلقاء مسؤولية الظلم الذي يرتكبه العباد علىٰ الله تعالىٰ وتنزيه الله تعالىٰ من كل ظلم يرتكبه الناس . وهذا هو السبب الذي دعىٰ المعتزلة إلى أن يختلفوا مع الأشاعرة وينسبوا الفعل إلىٰ الإنسان نفسه ، ولا ينسبوه إلىٰ الله تعالىٰ ، ولنفس السبب أصرّوا علىٰ استقلال الإنسان في الاختيار ونفوا أن تكون لله تعالىٰ إرادة واختيار وسلطان علىٰ الإنسان في اختياره وفعله ، إلّا أنّه تعالىٰ خلقه ومنحه المواهب التي تمكنه من الاختيار ثمّ أوكله إلىٰ نفسه في الإرادة والاختيار .
ولا ينافي الخلق
والابداع استقلال الإنسان في الاختيار فإنّ حاجة