دلالة واضحة وصريحة علىٰ نفي الجبر والتفويض ونفي استقلال الإنسان في إرادته وفعله .
ولا بدّ أن نشير قبل أن ننتقل إلىٰ البحث عن المنهاج الذي تخلّص به علماء مدرسة أهل البيت من نسبة الظلم إلىٰ الله تعالىٰ في الوقت الذي لم يفرّطوا في القول باتصال سلطان الله تعالىٰ ونفوذه المستمر علىٰ فعل الإنسان واختياره . . . قبل الدخول في هذا البحث ننبّه إلى أنّ الاختيار لا يساوق الاستقلال ، وليس السبب في انصراف علماء المسلمين من غير مدرسة أهل البيت عن الأمر بين الأمرين تصوّر أنّ الاختيار بمعنىٰ الاستقلال وأنّ مذهب ( الأمر بين الأمرين ) يسلب الإنسان الاستقلال في الاختيار ، وبالتالي يسلبه الاختيار ، ومرّة أُخرى يؤدي بنا ( الأمر بين الأمرين ) إلىٰ مذهب الحتمية الذي حاولنا أن نتخلّص من تبعاته . . . نقول : هذه الشبهة لا تستحق إطالة الكلام ، فليس من شروط الاختيار أن تكون القدرة مطلقة غير معلّقة علىٰ اختيار آخر أو فعل آخر ، وليس من بأس أن يكون عمل واحد تحت اختيار طرفين لكل منهما اختيار وفعل ، ولا يتم لأي منهما الاختيار والفعل إلّا مع اختيار وفعل الطرف الآخر . أو يكون اختيار الثاني معلّقاً علىٰ اختيار الأول وفعله دون العكس وهذا واضح ، ولذلك فلا نحتاج إلىٰ توقف كثير عند هذه النقطة لنثبت أنّ ( الاختيار ) ليس بمعنى ( الاستقلال ) .
فلنعد إلىٰ أصل المسألة .