ولم يفوّض إليه الفعل بجميع مبادئه ، لأنّ المدد من غيره ، والأفعال الصادرة من الفاعلين المختارين كلّها من هذا النوع .
فالفعل صادر بمشيئة العبد ولا يشاء العبد شيئاً إلّا بمشيئة الله . والآيات القرآنية كلّها تشير إلىٰ هذا الغرض ، فهي تبطل الجبر ـ الّذي يقول به أكثر أهل السُنّة ـ لأنّها تثبت الاختيار ، وتبطل التفويض المحض ـ الّذي يقول به بعضهم ـ لأنّها تسند الفعل إلىٰ الله .
( وسنتعرّض إن شاء الله تعالىٰ للبحث تفصيلاً ، ولإبطال هذين القولين حين تتعرّض الآيات لذلك ) .
وهذا الّذي ذكرناه مأخوذ عن إرشادات أهل البيت عليهمالسلام (١) .
ورأي الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمد بن النعمان رحمهالله يقع في هذا الاتجاه من الرأي في تفسير ( الأمر بين الأمرين ) .
ويمكننا أن نلخص رأي الشيخ رحمهالله ضمن نقطتين أساسيتين هما ركنا مسألة الأمر بين الأمرين وهما :
النقطة الأولىٰ : إنّ أفعال الناس ترجع إلىٰ الناس أنفسهم وليست هذه
________________
(١) شرح عقائد الصدوق أو ( تصحيح الاعتقاد ) بتعاليق : السيد هبة الدين الشهرستاني : ١٩٧ ـ ٢٠٠ ( المطبعة الحيدرية النجف ١٣٩٣ هـ ) .