محمّد الهمداني ومحمّد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعاً ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « إنّ لله إرادتين ومشيئتين : إرادة حتم ، وإرادة عزم ، ينهي وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء ، أو ما رأيت انّه نهىٰ آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالىٰ . وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالىٰ » (١) .
وهذه النقطة بالذات هي عقدة البحث ، فإذا انحلّت هذه النقطة واتّضحت اتضح ما قبلها وبعدها .
إنّ الإنسان يملك بصريح الوجدان والقرآن كامل حرّيته في الاختيار والفعل وإمارة حريته في الاختيار تردده في الانتخاب . ومسؤوليته عن فعله وإحساسه بالندم والراحة عند انتخاب ما يصلح وما لا يصلح . والوجدان أقوى شاهد علىٰ هذه الحقيقة . وقد رأينا في موضع سابق من هذا البحث أنّ القرآن يقرر حرّية اختيار الإنسان في طوائف كثيرة من الآيات . ولسنا بصدد إثبات هذه الحقيقة الآن أكثر من ذلك . واختيار الإنسان يقع علىٰ مفترق طرق يقف عنده الإنسان غالباً أو دائماً . ولأيّ سبيل من هذه السبل يختاره الإنسان حكم قطعي وحتمي في دائرة القضاء والقدر المحكم والمتقن الّذي شرحناه من قبل .
________________
(١) أُصول الكافي ١ : ١١٧ / ٤ باب المشيئة والارادة ـ كتاب التوحيد .