الذي اضطرته الظروف الى عدم الاعلان عن ولادته واخفائه عن أعين الجواسيس ..
كانت ظلمات الليل تشتد حلكة وقد خامر الموظفين في الرواق التعب والنعاس .. الليل البهيم يتجه الى الفجر والنجوم تشتد سطوعاً في سماء اكتنفتها غيوم متناثرة .. وكان عقيد الخادم ينظر بأسى الى الشباب كيف يذوي كشمعة تخبوفي قلب الليالي الزمهرير.
طلب الامام بصوت خافت من عقيد أن يحضر اناءً فيه ماء مغلي بالمستكي .. كان الامام يشعر ببرودة الموت تزحف الى خلايا جسده التي فتك بها السم ..
جاءت السيّدة نرجس تحمل الاناء ، وقد غمرتها حالة من الفجيعة .. ان زوجها الطاهر على وشك الرحيل .. سوف ينهدّ عمود خيمتها وستعوي من حولها آلاف الذئاب ..
مدّ الشاب يداً ترتجف من برودة الموت الزاحف كليل الشتاء .. الليل في لحظات الرحيل والفجر على وشك الانفاق ..
أراد أن يرتشف من الاناء ولكن ارتطم باسنانه وازداد ارتجاف يده .. قال بصوت واهن مخاطباً عقيداً :
ـ سوف تجده يصلّي في الحجرة .. ليأت اليّ.
وفي هذه اللحظة هبّت السيدة نرجس الى الحجرة .. ان ابنها يصلّي فمكثت غير بعيد وجاءت به .. وفي غمرة لحظات