خامره أحساس بالقلق وسرعان ما تبدّد .. ان صبياً تبحث الجواسيس عنه لن يجرؤ على ذلك ..
اتخذ جعفر مكانه في باب المنزل لاستقبال الوافدين من المعزّين .. سوف يصل زعماء كبار من البلاط وشخصيات بارزة في صفوف الشيعة وها هو يشعر بالانتشاء لأول تهنئة يتلقاها من الشيعة مصحوبة بكلمات عزاء رقيقة .. ها هو يهنأ لأول مرّة بالإمامة .. لقد أصبح إماما لطبقات واسعة من الناس!
وصل « أبو الأديان » (١٧٧) درب الحصا وسمع من بعيد أصوات المناحة واذ ألفى جعفراً واقفاً في الباب يتلقى التعازي والتهاني همس في نفسه بأسى :
ـ ان يكن هذا هو الإمام فقد بطلت الامامة إذن ..
كيف يصبح اماماً وهو يكرع كؤوس النبيذ ويقامر في قصر الجوسق ويلعب بالطنبور؟!
واضطر أبو الاديان الى مصافحته وتقديم التعازي والتهاني .. وعندما ولج المنزل رأى حشداً من المعزّين ، وقد برز فيهم عثمان بن سعيد وكيل الامام الراحل .. وكان واجماً غارقاً في حزن مرير ..
و توهّجت في ذاكرة أبي الأديان البصري كلمات الامام الراحل في حقه في حضور وفد قادم من اليمن : « امض يا عثمان فانك الوكيل والثقة المأمون على مال الله » (١٧٨) فقال أحد أعضاء الوفد مخاطباً الامام :« يا سيدنا ان عثمان لمن خيار شيعتك ولقد