واصبحت كرامة الانسان أرخص شيء في الحياة.
وفي بغداد لم يعد هناك من يأبه الى تمثال الفارس برمحه الطويل الذي يشير باستمرار الى جهة من الجهات وكان البعض يظن انه يشير الى المناطق التي تشتعل فيها الحروب والقلاقل والفتن ..
لقد عم الخراب الوطن الاسلامي المترامي الاطراف ، والتهبت حمى الاطماع والشهوات ولم يعد أحد لينصت الى صوت العقل الذي عصفت بأنواره زوابع الزمهرير القادم والرياح الصفراء.
وفي شعبان تدهورت صحة الشيخ ابن روح الذي أطلع المقربين إليه على توقيع صدر من الامام المهدي يقضي باسناد منصب السفارة الى رجل مؤمن يدعى « أبو الحسن علي بن محمد السمري » الذي لم يكد يباشر نشاطه في قيادة الطائفة الشيعية حتى وصلت انباء الزحف الذي يقوده بجكم لاحتلال بغداد.
وفي مثل هذه الاجواء يعيش سكان بغداد موجة من الهلع لأن هناك آلاف اللصوص والعيارين ممن ينتظرون اختلال الأمن للنهب والسلب والسطو على المنازل.
وقد حاول ابن رائق المتنفذ في بغداد وقف الزحف بالضغط على الخليفة وكتابة رسالة يأمره فيها بالعودة الى واسط فلم يكترث لذلك وطوح بجكم بالرسالة بعيداً لتضيع بين سنابك الخيل وواصل بجكم تقدمه حتى وصل الضفاف الشرقية لنهر ديالى ،