تغمره حالة من الوجوم ..
الشيخ الراقد في فراشه تتلاحق انفاسه لكأنه يقطع صحراء خالية ..
والسماء تنث مطراً خفيفاً بحجم الدموع التي ذرفها المصلون في صلاة الاستسقاء (٣١١)!
انتابت بعضهم هواجس خائفة .. عندما يغمض الشيخ عينيه فان لحظة الانفصال بالمهدي تكون قد أزفت .. ان الزمهرير القادم سيكون رهيباً .. والشمس سوف تتكاثف الغيوم فوقها أكثر فأكثر ..
لكأن الجو كان مكهرباً أن الهواجس تسري الى الجميع وسمع أحدهم يقول للشيخ المحتضر :
ـ الى من توصي بعدك؟
أجاب الشيخ بحزن :
ـ للّه أمر هو بالغه!
وكانت هذه الكلمات هي آخر الكلمات لأن عيناه كانتا تنظران عبر الباب المشرعة الى الافق البعيد .. وكانت قطرات المطر ما تزال تساقط على هون .. لكأن السماء تبكي ..
وفي موكب التشييع تبادل البعض نفس الحديث حول اقتراب قوّات « البريدي » من بغداد ...
سوف تستحيل المدينة مرّة أخرى الى ميدان للنهب والسلب والفرضى .. لقد غادر السلام مدينة السلام ..