ـ مرحباً بابن العم (٨٥) ..
واتخذ أبو محمد الحسن مجلسه بين بابي الرواق .. وساد الصمت المنزل وكان الجميع مأخوذين بالوجه الاسمر الذي لا يخطىء في ملامحه وجه الأب الراحل (٨٦) .. ولم يعد يسمع أحد ينبس ببنت شفة إلا السعلة والعطسة (٨٧) .. وكان جعفر (٨٨) ينظر الى اخيه نظرة فيها حسد وخرج النعش الطاهر للتشييع والصلاة عليه في المسجد الجامع ..
وفيما كان النعش يخترق الرواق كحمامة شهيدة ، ظهرت فتاة تهتف بفجيعة :
ـ ماذا لقينا من يوم الاثنين .. قديماً وحديثاً (٨٩)؟!
وشعر الامام بالأسى فقال لمن حوله :
ـ ألا يوجد من يرد هذه الجاهلة؟
وبادر بعضهم فرد الفتاة الى حجرة النساء ، فيما غادر النعش المنزل تحمله أكف وسواعد وقلوب المؤمنين ..
ضاق شارع « أبي أحمد » وهو أطول شوارع سامراء وأعرضها بالجماهير ..
شمس حزيران تغمر باشعتها الموكب الطويل ، وفقدت قوات الشرطة السيطرة على الموقف بعد أن اندفعت الجماهير وكل يريد أن يمس بيده النعش الطاهر قبل أن يوارى الثرى.
اليوم هو يوم ٢٥ جمادى الآخرة من سنة ٢٥٤ ، وقد بلغ