الازدحام في الشارع الطويل أوجه فتقرر الصلاة على الجثمان في الشارع حتى يسع كثرة الناس ، وشعر « الموفق » بالخطر فقد يتحول هذا الموكب الجرار الى حركة مضادة للحكم القائم فأسرع في انهاء مراسم الصلاة وحمل النعش مرة أخرى ليدفن في منزله حسبما ورد في الوصية ..
انتهت مراسم الصلاة التي أجريت بسرعة وأثارت إستياء الناس الذين لم يجدوا الوقت الكافي في إجراء مراسم التشييع كما ينبغي .. وكان واضحاً أن هناك توجساً مما قد يؤدي اليه هذا التجمع الذي لم تشهده سامراء منذ تأسيسها وحتى الآن ..
بلغ من شدة الزحام أن ضغط الناس الامام الحسن ودفعته الأمواج البشرية الى جانب الطريق .. فصادف دكة مرشوشة بالمياه فأستأذن البقال في أن يجلس. وحيا البقال الامام بأدب وكان بعض الذين يمرون يستوقفهم الوجه الاسمر لفتى تتألق في عينيه أنوار النبوات .. وتحلق بعض الناس حوله ينظرون الى شاب قد ذرف على العشرين وقد اشتعل الشيب في ذقنه أية فجيعة هدت هذا الفتى؟ وأية هموم يحملها وينوء بحملها؟! قليلون جداً يدركون محنة هذا الانسان الذي نهض بالامامة ..
لم تمر سوى دقائق حتى جاء شاب بهي الوجه يقود بغلة شهباء فعرض على الامام الركوب.
وفي ظهيرة ذلك اليوم ووري الثرى رجل عاش في سامراء