أزهارها ونضج ثمارها مرتبط باختلاف الليل والنهار. فقد تبين لعلماء الأحياء مؤخرا في القرن العشرين أن في داخل كل حي « ساعة » داخلية حياتية ، أي بيولوجية ، تتأثر بطول النهار والليل وتوقيت الشروق والغروب وكذلك بدرجة الحرارة ، ومنها تعلّم علماء الأحياء دراسة الخصائص الحياتية عند المخلوقات المتأثرة باختلاف الليل والنهار فكانت الزيادة الهائلة في الإنتاج النباتي والحيواني التي عرفناها في القرن العشرين.
فمبدأ البيوت الزجاجية التي تنتج الفواكه والخضار في غير أوانها ، ومبدأ مزارع الدواجن الحديثة والأسماك الاصطناعية التي زادت من إنتاج الثروة الحيوانية بصورة مذهلة ، قائم على فهم التصرفات الحياتية كالنمو والنضج والتوالد والهجرة عند النبات والحيوان. وقد أثبت علم الأحياء أن هذه التصرفات تتأثر مباشرة باختلاف الليل والنهار. من هنا نفهم البعد العلمي الدفين في الرد الذي أوحاه الله لسيدنا موسى عند ما سأله فرعون : من ربّ العالمين؟
( قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ) ( الشعراء : ٢٣ ) ، ، ( قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) ( الشعراء : ٢٨ ). فجميع المخلوقات الحية الموجودة ما بين المشرق والمغرب تتأثر ميزاتها وتصرفاتها الحياتية بالمشرق والمغرب واختلافهما. ومن هذه الزاوية العلمية نفهم أيضا معنى من معاني الآيات التي وردت فيها كلمة المشرق والمغرب : ( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ ). ( المعارج : ٤٠ ) ( رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ ) ( الصافات : ٥ ) ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ) ( المزمل : ٩ ) ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) ( الرحمن : ١٧ ، ١٨ ).
( تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) ( آل عمران : ٢٧ )