العلم الحديث يملك وسائل أخرى هي الحاسبات وبفضلها يستطيع الفيزيائيون خلق ما يسمّونه « بالأكوان اللّعب » (Univers Jouets) ، بمعنى أن نأخذ المعطيات البدائية التي كانت في بدء الكون مع القواعد الفيزيائية التي كانت سائدة ونعطيها للحساب ، وقد كان الجواب احتمال وجود مليارات العوالم العقيمة الخالية من أي شعور أو عقل ، ذلك بأن المعطيات التي سمحت بنشأة كون ككوننا هي فريدة من بين مليارات الاحتمالات.
تعليق
مبدأ الإنسانية في الكون يعني أن ما في الكون هو مسخّر لظهور وجود الإنسان ، مصداقا لقوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( الجاثية : ١٣ ).
٣ ـ سؤال : هل تستطيع إعطاءنا مثلا على ذلك؟
جواب : إن أهم المعطيات في نشأة الكون ، كثافة المادة الموجودة في الكون حين نشأته. فكون كثيف جدّا في بدايته يكون عمره قصيرا ، إذ بعد توسّعه لسنة أو شهر أو بعض ثوان ينهار على نفسه من جديد بفعل الجاذبية. ولا إمكانية إذن في هذا الاحتمال لوجود أية حياة ، ذلك بأن المخلوقات الحية هي مكونة من عناصر كالكربون لا تتألف إلا في قلب النجوم. ولتكون هذه العناصر متوافرة يجب انتظار أول دفعة من النجوم التي تعيش ثم تموت فتخصب بموتها المحيط الموجود بين النجوم بموادّ قابلة للاشتعال ثم علينا الانتظار حتى تتكثف هذه المواد لتؤلف كوكبنا حيث يمكن للحياة أن توجد فيه بصورة تصاعدية ومعقدة وصولا إلى الدماغ الإنساني ، وهذا ما يتطلب مليارات السنين. أما إذا كانت كثافة المادة الموجودة في بدء نشأة الكون قليلة جدّا ، فإن المجرات والنجوم لا تستطيع التكثف ، ويبقى الكون أزليّا وعقيما. فقط كون فريد بدقة مذهلة وبكثافة معينة محددة ( أي ثلاث ذرات في المتر المكعب ) يستطيع أن يعطي نجوما ويبقى لمدة كافية لظهور الحياة فيه ، وهي حالة الكون الذي نعيش فيه. وفي كل مرة نحاول أن نغيّر بعض المعطيات التي حكمت نشأة الكون ،