والكواكب المنتشرة في الكون ، لاعترى بعضنا الرهبة والخشوع أمام عظمة الخالق في ملكوته ، وربما عقلنا شيئا من معاني قوله تعالى : ( وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) ( الحج : ٦٥ ) ، وعقلنا عظمة قسمه بالسماء وطرائقها.
ولو اطّلع الإنسان على شيء من علم الفلك الميسّر والمبسّط في المكتبات العلمية ثم خلا بنفسه يوميّا لبضع دقائق فتأمل في عوالم النجوم والمجرات التي يراها في ليل صفا أديمه وغاب قمره ، وتوقف مطوّلا عند آيات الله الكريمة التي تطرقت إلى علم الفلك ، ربما أصبح من « أولي الألباب » مصداقا لقوله تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ ) ( آل عمران : ١٩٠ ـ ١٩١ ).
ومن معاني الحبك أيضا الحبال. وقد اختصر أحد العلماء النظام الكوني بالجملة الجامعة التالية : « في الكون كل شيء يدور ويجري ويشدّ بعضه بعضا ». ففي السماء حبال غير مرئية تشد المجرات والكواكب والنجوم إلى بعضها البعض فتجعلها تلتزم بمسارات ( Orbites ) محددة بكلّ منها ، عنينا بذلك قوى الطبيعة الأربع التي يقوم عليها النظام الكوني وهي : قوى الجاذبية والكهرطيسية والنووية القوية والضعيفة كما سبق شرحه ، وقد رمز إليها القرآن الكريم « بالحق » و « العمد » و « الحبك » كما جاء في قوله تعالى : ( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) ( لقمان : ١٠ ) ، و ( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ ) ( النحل : ٣ ) ، ( وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ) ( الذاريات : ٧ ) ، ربما لأن المستوى العلمي للناس في زمن التنزيل لم يكن يسمح لهم بفهم كلمات علمية كالجاذبية والقوى الكهرطيسية والنووية ، في حين أن معاني كلمات « الحق » و « العمد » و « الحبك » هي في مستوى كل الناس وفي جميع العصور ، والله أعلم.