الكربون يبقى فقط ٨ % بشكل مواد عضوية. وإذا علمنا أن ألف كيلوغرام من الأحياء البحرية الحيوانية التي تتغذى بالنبات تتحول إلى عشرة كيلوغرامات من الأحياء الحيوانية التي تتغذى باللحوم ، وأن هذه تتحول إلى كيلوغرام واحد من المواد البروتينية التي تعطي كمية من الطاقة تعادل ألفي وحدة حرارية ، نعلم مدى الترابط بين مختلف مصادر الطاقة الغذائية وأساسها ضوء الشمس ، ونعلم شيئا بسيطا جدّا عن عظمة قسم المولى بضحى الشمس.
الطاقة الكامنة في حركة الأمواج الممتدة على مسافة مائة كلم من الشواطئ ، إن أحسن استغلالها ، تكفي لإمداد مليون منزل بالطاقة الكهربائية ، علما أن الطاقة الكامنة في حركة الموج مصدرها ضوء الشمس المسبّب للرياح التي تسبّب الموج. كما أن حرارة الشمس التي تختزنها مياه خليج المكسيك تكفي نظريّا ، إذا أمكن استغلالها ، لأن تعطي ٣٠ % من حاجة الولايات المتحدة للكهرباء. هذه الأمثلة القليلة والبسيطة تعطي فكرة عن « خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب » التي أودعها في المخلوقات من خلال خزان الطاقة الهائل المتمثل بالشمس.
بعد الانفجار الكبير الذي حصل في الكتلة البدائية الأولى التي انبثق منها الكون منذ ستة عشر مليار سنة تقريبا ، توسع الكون فنشأت سحب غازيّة متناثرة لا حصر لها هي السّدم ( جمع سديم ). وفي سحابة منها ذات حجم هائل ودوران سريع حول نفسها ، ومع مرور مليارات السنين ، تكثفت في وسط السحابة الجزيئات البدائية التي تتألف منها ( البروتون ـ النترون ـ الإلكترون ـ ومضاداتها ) ، فنشأ من هذا التكثف ضغط هائل رفع الحرارة في وسط السحابة إلى ملايين الدرجات المئوية. وبفعل الحرارة الهائلة هذه اتحدت جزيئات المادة فيما بينها فألّفت نواة ثم ذرّة غاز الهيدروجين ، ثم اتحدت أربع ذرات من غاز الهيدروجين فأعطت ذرة من غاز الهيليوم. ومن هذا التحول خرج ضوء الشمس المؤلف من جزيئات من المادة اسمها الفوتون ( Photons ) التي نشأت نتيجة اتحاد وانعدام جزيئات المادة مع