أضدادها ( أي من البروتون مع البروتون المضاد والنترون مع النترون المضاد ). هكذا ولدت الشمس وبقية النجوم في السحابات الكونية ، كما يقول علماء الفلك والفيزياء النووية اليوم. وهذا التفسير العلمي لمولد الشمس يقع أيضا تحت مفهوم الآية الكريمة التي تطرقت إلى خلق السماوات والأرض في قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) ( الأنبياء : ٣٠ ) ، ذلك أن الغيمة التي ولدت فيها الشمس تأتّت من فتق الكتلة البدائية الأولى التي كانت في البدء مجموعة معها ( راجع فصل نشأة الكون ).
إن ضوء الشمس اليوم ناشئ عن تحول غاز الهيدروجين إلى غاز الهيليوم في قلب الشمس بفعل الحرارة الهائلة في مركزها والتي تصل إلى خمسة عشر مليون درجة مئوية ، أما على أطرافها فتصل الحرارة إلى ستة آلاف درجة مئوية ، ذلك أن شعاع قرص الشمس ، أي المسافة بين مركزها وأطرافها ، يقدّر بسبعمائة ألف كلم ( ٠٠٠ ، ٧٠٠ ) تقريبا ، أي مائة مرة أكبر من شعاع الأرض. ويقدّر العلماء أن الشمس ، كمعمل حراري هائل ، تعطي في الثانية من الضوء ما يعادل الرقم ٩ ، ٣* ٢٦ ـ ١٠ من الطاقة بوحدة « جول » ( Joule ) وهذا الضوء متأتّ من تحويلها في كل ثانية لستمائة مليون طن من غاز الهيدروجين إلى ٥٩٦ مليون طن من غاز الهيليوم ـ كما أسلفنا ـ علما أن الشمس قد ولدت منذ أربعة مليارات سنة ونيف ، وأن فيها من الوقود ما يكفي لخمسة مليارات سنة أيضا. ويحاول الإنسان منذ ثلاثين سنة أن يسيطر على الطاقة الاندماجية الكامنة في تحوّل غاز الهيدروجين إلى غاز الهيليوم كما هي الحال في الشمس ، إلا أنه لم يصل بعد حتى الآن ، وإذا توصل إلى شيء ما في هذا المجال فإن كوبا من مياه البحر يكفي لإنارة مدينة نيويورك في يوم إن استطاع الإنسان السيطرة على الطاقة الاندماجية الكامنة في ذرات غاز الهيدروجين الموجودة في كوب الماء.
أما ضوء الشمس فيتألف من موجات إشعاعية مرئية هي الأشعة البيضاء المؤلفة من مختلف ألوان قوس قزح ( الأحمر ـ البرتقالي ـ الأصفر ـ الأخضر ـ الأزرق ـ النيلي ـ البنفسجي ) ، وموجات أشعة غير مرئية كالأشعة