اليابس. ( تمعّن في الصورة التوضيحية ). وقد عرفت منازل القمر منذ القدم واعتمدها الناس كمواقيت في أعمالهم وزراعتهم. أما الدقائق الحسابية في نظام دورانه حول نفسه وحول الأرض في نفس المدة الزمنية فلم تعرف إلا في القرن العشرين. فمن هذه الخاصية بدوران القمر نفهم معنى ( وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ) في قوله تعالى : ( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) ( يس : ٤٠ ). فليل القمر لا يسبق نهاره بل هما موجودان في نفس الوقت بالنسبة لنا لأن نصف القمر مظلم وغير مرئي بصورة دائمة بالنسبة للأرض ونصفه الآخر مضيء ومرئي بالنسبة للأرض. والليل والنهار لا يتعاقبان على سطح القمر بالنسبة لسكان الأرض الذين لا يرون من القمر إلا نصف سطحه المضيء. أما على سطح الأرض فالليل لا يسبق النهار أيضا إذا تصورنا الأرض بكلّيتها ، ففي نفس الوقت الذي يخيم الليل على جزء من الأرض يكون النهار ساطعا في الجزء المقابل منها. أما إذا تصورنا كل جزء من الأرض على حدة فهناك تعاقب الليل والنهار. ونحن نورد هذا الشرح الواضح حتى لا يقول جاهل إن في القرآن الكريم آيات متناقضة عند ما يقرأ قوله تعالى : ( وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ) ، وقوله عز من قائل : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) ( آل عمران : ١٩٠ ).
سابعا : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )
( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ. وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ، وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) ( القمر : ١ ـ ٣ )
انشق القمر في زمن الرسول الكريم كمعجزة أيّده المولى بها علّ كفار مكة يؤمنون. هذا ما نفهمه من السياق القرآني ونؤمن به ، وذلك ما شرحته الأحاديث في كتب الصحاح ، فانشقاق القمر والإسراء والمعراج وقتال الملائكة في بدر هي من المعجزات والبراهين التي أيّد بها المولى رسوله وجاء ذكرها في القرآن الكريم ولا يجوز للمؤمن أن يشكك بها.