الأخبار المشعرة بخلاف ما ذكرنا محمول على المستضعفين كما عرفت.
وقال شارح المقاصد : اختلف أهل الإسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة ، فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب ، بل كلاهما في مشية الله تعالى ، لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة ، لا بطريق الوجوب على الله تعالى بل بمقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة ، وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم من غير عفو ولا إخراج من النار ، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأ من قولهم : إن له المنزلة بين المنزلتين ، أي حالة غير الإيمان والكفر ، وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل : ( قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) ( طه : ٤٨ ) ( إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ ) ( النحل : ٢٧ ) ، فجوابه تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود ، وأما تمسكهم بمثل قوله عليهالسلام : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق » فضعيف ، لأنه إنما ينفي الخلود لا الدخول.
لنا وجوه :
الأول : وهو العمدة ؛ الآيات والأحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا ، فتعين أن يكون بعده ، وهو مسألة انقطاع العذاب ، أو بدونه وهو مسألة العفو التام ، قال الله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) ( الزلزال : ٧ ) ( وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ) ( المؤمن : ٤٠ ) ، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » ، وقال : « من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ».