فأحتسبها (١) يوم الحشر زلفة ، وليجدنها آكلوها ساعرة حميم في لظى جحيم.
توضيح : عن هنة ، أي : شيء يسير قليل ، أو قصته منكرة قبيحة (٢).
حلق بها الطائر .. تحليق الطائر : ارتفاعه في الهواء (٣) ، أي : انتشر خبرها ، إذ كان الغالب في تلك الأزمنة إرسال الأخبار مع الطيور.
وحفي بها السائر .. أي : أسرع السائر في إيصال هذا الخبر حتى حفي وسقط خفه ونعله ، أو رق رجله أو رجل دابته ، يقال : حفي ـ كعلم ـ إذا مشى بلا خف ولا نعل ، أو رقت قدمه أو حافره ، أو هو من الحفاوة وهي المبالغة في السؤال (٤) ، وفي بعض النسخ : وخفي بها الساتر .. أي لم يبق ساتر لها ولم يقدر الساترون على إخفائها.
ورفعت إلى السماء أثرا ... أي ظهرت آثاره في السماء عاجلا وآجلا من منع الخيرات وتقدير شدايد العقوبات لمن ارتكبها.
ورزئت في الأرض خبرا (٥) ... يقال : رزأه كجعله وعمله أصاب منه شيئا ، ورزأه رزءا أو مرزأة أصاب منه خيرا ، والشيء نقصه ، والرزيئة المصيبة (٦) ، فيمكن أن يقرأ على بناء المعلوم .. أي أحدثت من جهة خبرها في الأرض مصائب ، أو
__________________
(١) في الأمالي : واحتسبتها.
(٢) قال في النهاية ٥ ـ ٢٧٨ : الهن والهن ـ بالتخفيف والتشديد ـ كناية عن الشيء لا تذكره باسمه ، تقول : أتاني هن وهنة مخففا ومشددا.
وقال في النهاية أيضا ٥ ـ ٢٧٩ : وفيه أنه قام هنية ، أي : قليلا من الزمان ، وهو تصغير هنة.
وفي الصحاح ٦ ـ ٢٥٣٦ : هن ـ على وزن أخ ـ : كلمة كناية ، ومعناه : شيء ، ... وتقول للمرأة : هنة وهنت.
وقال في تاج العروس ١٠ ـ ٤١٣ : هنة : تأنيث الهن ، فهو كناية عن كل اسم جنس ، ومثله في مجمع البحرين ١ ـ ٤٧٩.
(٣) كما في الصحاح ٤ ـ ١٤٦٢ ، ولسان العرب ١٠ ـ ٦٣ وغيرهما.
(٤) كما في كتب اللغة كالصحاح ٦ ـ ٢٣١٦ ، ولسان العرب ١٤ ـ ١٨٧ ـ ١٨٨ ، وغيرهما.
(٥) في ( ك ) : خيرا.
(٦) قاله في القاموس ١ ـ ١٦ ، وتاج العروس ١ ـ ٧٠ ، ولسان العرب ١ ـ ٨٥ ـ ٨٦.