قال : نعم ، وكان مسيلمة يزعم أنه رسول بني حنيفة ، ومحمد صلىاللهعليهوآله رسول قريش ، فتركه ، ودعا الآخر فقال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم نعم نعم! قال : أفتشهد أني رسول الله؟ قال : إني أصم .. ثلاثا. فقدمه وقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : أما هذا المقتول فمضى على صدقه ويقينه فهنيئا له ، وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه.
ومنها : ما رواه الخاصة والعامة أن أناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه مع أنه كان بقلبه مصرا على الإيمان منهم عمار وأبواه : ياسر وسمية ، وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا ، وأما سمية فقد ربطت بين بعيرين (١) ووجئت (٢) في قبلها بحربة ، وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت ، وقتل ياسر ، وهما أول قتيلين (٣) في الإسلام ، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها ، فقيل يا رسول الله! إن عمارا كفر. فقال : كلا ، إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يمسح عينيه يقول : ما لك! إن عادوا لك فعد لهم بما قلت (٤).
__________________
(١) في (س) : بعيري.
(٢) قال في القاموس ١ ـ ٣١ : وجأه باليد والسكين ـ كوضعه ـ ضربه.
(٣) في (س) : قتيلتين.
(٤) صرحت بذلك كل المصادر التي بأيدينا نذكر منها : حلية الأولياء ١ ـ ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٤٧ ، ١٥١ ، تفسير الآلوسي ١٤ ـ ٢٣٧ ، تفسير الطبري ٣ ـ ١٥٢ ، ١٤ ـ ١٢٢ ، أحكام القرآن لأبي بكر العربي ١ ـ ٢٦٨ ، تفسير الفخر الرازي ٢٠ ـ ١٢١ ـ بنص ما ذكر هنا ـ ، تفسير الدر المنثور للسيوطي ٢ ـ ١٦ و ٤ ـ ١٣٢ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ ـ ٩ و ٣ ـ ١٩١ ـ ١٩٢ ، أسد الغابة ٤ ـ ٤٣ ٤٦ ، ومستدرك الحاكم ٢ ـ ٢٩١ و ٣٥٧.
وقد ذكر العلامة الأميني في غديره ٩ ـ ٢٤ مصادر جمة أخرى ، أما عند الخاصة فالمسألة مسلمة إن لم تكن ضرورية. انظر مثلا : قرب الإسناد : ٨ ، غوالي اللئالي ٢ ـ ١٠٤ ، حديث ٢٨٥