ويروى أن حيان عاتب الأعشى في نسبته إلى أخيه فاعتذر بأن الروي اضطرني إلى ذلك فلم يقبل عذره (١).
ومعنى البيت ـ كما أفاده السيد المرتضى رضياللهعنه (٢) ـ إظهار البعد بين يومه ويوم حيان لكونه في شدة من حر الهواجر (٣) ، وكون حيان في راحة وخفض ، وكذا غرضه عليهالسلام بيان البعد بين يومه صابرا على القذى والشجا وبين يومهم فائزين بما طلبوا من الدنيا ، وهذا هو الظاهر المطابق للبيت التالي له ، وهو مما تمثل به عليهالسلام ـ على ما في بعض النسخ ـ وهو قوله :
أرمي بها البيد إذا هجرت |
وأنت بين القرو والعاصر (٤) |
والبيد ـ بالكسر ـ : جمع البيداء وهي المفازة (٥) ، والتهجير : السير في الهاجرة ، وهي نصف النهار عند شدة الحر (٦) ، والقرو : قدح من الخشب (٧) ، وقيل : إناء صغير أو إجانة للشرب (٨) ، والعاصر : الذي يعصر العنب للخمر (٩) .. أي أنا في شدة حر الشمس أسوق ناقتي في الفيافي (١٠) وأنت في عيش
__________________
(١) وقال له : والله لا نازعتك كأسا أبدا ما عشت ، كما صرح بذلك ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١ ـ ١٦٧.
(٢) رسائل الشريف المرتضى ٢ ـ ١١٠ ، وحكاه عنه ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٢٥٧.
أقول : وقد شرح الخطبة الشقشقية السيد المرتضى كما جاء في رسائله ٢ ـ ١٠٧ ـ ١١٤ ، فراجع.
(٣) الهواجر : جمع الهاجرة ، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر ، قاله في مجمع البحرين ٣ ـ ٥١٦.
(٤) لم يرد هذا البيت في ديوان الأعشى. وجاء في اللسان ٢ ـ ٣٤ ، وروايته : ارمي بها البيداء إذا عرضت.
(٥) كما ذكره في القاموس ١ ـ ٢٧٩ ، والصحاح ٢ ـ ٤٥٠.
(٦) قاله في الصحاح ٢ ـ ٨٥١ ، والنهاية ٥ ـ ٤٤٦ ، وغيرهما.
(٧) صرح به في الصحاح ٦ ـ ٢٤٦٠ ، والنهاية ٤ ـ ٥٧.
(٨) جاء في القاموس ٤ ـ ٣٧٧ ، وغيره.
(٩) نص عليه في مجمع البحرين ٣ ـ ٤٠٦.
(١٠) قال في النهاية ٣ ـ ٤٨٥ : الفيافي : هي البراري الواسعة ، جمع فيفاء. وقال في مجمع البحرين ٥ ـ ١٠٧ : الفيفاء : الصخرة الملساء والجمع فيافي ـ كصحاري ـ.