وهذه المطالب الخمسة هي كلّ ما تقوم به الشيعة في مجالسها الحسينية.
ونحن في هذه المقدّمة نثبت استحبابها شرعاً ، وإنّا مقتدون فيها باهل البيت العصمة ، ومعدن الهدى والرحمة ، وانّ الحكم فيها بين الرجال والنساء سوآء ، وانّ الفلسفة الصحيحة تقتضي رجحان هذه المآتم عقلاً ، وتفصيل ذلك كلّه في مجالس.
المجلس الأول : في البكاء
لا ريب في جواز البكاء على موتى المؤمنين ، بدليل فعل النبي صلىاللهعليهوآله.
أمّا فعله فمتواتر في موارد عديدة :
أحدها : يوم مات عمّه وكافله أبو طالب. (١)
ثانيها : يوم استشهد عمّه الحمزة في اُحد. (٢)
__________________
١ ـ قال رحمهالله : ... روي عن عليّ عليهالسلام قال : لمّا مات أبو طالب أخبرت النبي صلىاللهعليهوآله بموته ، فبكى وقال : اذهب فاغسله وكفّنه وواره ، غفر الله له ورحمه.
٢ ـ قال رحمهالله : فعن ابن مسعود : ما رأينا رسول الله صلىاللهعليهوآله باكياً أشدّ من بكائه على حمزة ، وضعه في القبلة ، ثمّ وقف على جنازته وانتحب حتى نشق ـ أي شهق حتى بلغ الغشى ـ يقول : يا عمّ رسول الله ، يا حمزة ، يا أسد الله ، وأسد رسول الله ، يا حمزة ، يا فاعل الخيرات ، يا حمزة ، يا كاشف الكربات ، يا ذابّ عن وجه رسول الله ... إلى آخر نياحته وندبته ... ( انظر : السيرة الحلبية ١ : ٤٦١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ : ٣٨٧ ). وسائر من أرّخ مقتل حمزة في غزوة اُحد ، وترى ندبة النبي ونياحته هذه قد عدّد فيها