المجلس الثاني : في الرثاء
لا ريب في جواز رثاء موتى المؤمنين ، لأصالة الإباحة ، وعدم الدليل على خلافها (١) وقد رثي آدم ولده هابيل ، واستمرت على ذلك ذرّيّته إلى يومنا هذا بلا
__________________
قد أوهنت جلـدي الديـار الخالية |
|
من أهلهـا ما للـديـار وماليـة |
ومتى سألت الـدار عـن أربابها |
|
يعد الصـدى منهـا سؤالي ثانية |
ومعالم أضحـت مآتـم لا تـرى |
|
فيها سـوى ناع يجـاوب ناعية |
كانت غياثـاً للمنوب فأصبحـت |
|
فلجميع أنواع النـوائـب حاوية |
ورد الحسـين إلى العراق وظنهم |
|
تركوا النفاق اذ العراق كما هية |
قست القلـوب فلـم تمـل لهداية |
|
تباً لها تيـك القـلـوب القاسية |
ما ذاق طعم فراتهـم حتى قضى |
|
عطشاً فغسّل بالـدمـاء القانية |
لابن النبي المصطفـى ووصيه |
|
وأخي الزكي ابن البتول الزاكية |
تبكيك عينـي لا لأجـل |
|
لكنّما عينـي لأجلـك باكيـة |
مثوبة تبتل منكم كـربـلا بـدم ولا |
|
تبتل مني بالـدمـوع الجارية |
أنست رزيتـكـم رزايانا التي |
|
سلفت وهونت الرزايـا الاتية |
وفجائـع الأيـام تبقـى مـدةً |
|
وتزول وهي الى القيامة باقية |
لهفي لركب صرّعوا في كربلا |
|
كانت بها آجالهـم مـتـدانينة |
نصروا ابن نبيّـهم طوبى لهم |
|
نالوا بنصرته مـراتب سامية |
١ ـ قال رحمهالله : لكن الذي يظهر من القسطلاني ـ في باب رثي النبي سعد بن خولي ص ٣١٨ من الجزء ٣٠ من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري ـ انّ جماعة يفصلون القول في الرثاء فيحرّمون منه ما اشتمل على مدح الميّت وذكر محاسنه الباعث على تحريك الحزن وتهييج اللوعة ، ويبيحون منه ما عدا ذلك ، والحقّ إباحته مطلقاً الا إذا اشتمل على الباطل ، إذ لا دليل على الحرمة ، والنهي الذي يزعمون انّما يستفاد منه الكراهة في موارد اُخر ليست موضوع بحثنا ، على انّ النهي غير صحيح عندنا.