[ المجلس السادس ]
لمّا بلغ مسلم بن عقيل ما فعل ابن زياد بهاني بن عروة ، خرج بمن بايعه لانقاذ هاني ، وحرب ابن زياد (١) فتحصّن اللعين عنه بقصر الامارة ، واقتتل أصحابه وأصحاب مسلم ، وجعل أصحابه الذين معه في القصر يشرفون منه ويحذّرون أصحاب مسلم ويتوعّدونهم بأجناد الشام.
فلم يزالوا كذلك حتى جاء الليل ، فجعل أصحاب مسلم يتفرّقون عنه ، ويقول بعضهم لبعض : ماذا نصنع بتعجيل الفتنة ، وينبغي أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم.
وما زالوا يتفرّقون حتى أمسى ابن عقيل وصلّى المغرب وما معه الا ثلاثون نفساً في المسجد.
فلمّا رأى ذلك خرج متوجهاً نحو أبواب كندة ، فما بلغها الا ومعه منهم عشرة.
ثم خرج من الباب فإذا ليس معه انسان يدلّه ، فالتفت فإذا لا يحس بأحد ، فمضى على وجهه متلدّداً في أزقّة الكوفة لا يدري كيف يصنع ولا أين يذهب.
ومشى حتى انتهى إلى باب امراة يقال لها : ( طوعة ) أم ولد ـ كانت للأشعث ابن قيس فأعتقها ، فتزوّجت أسيد الحضرمي فولدت له بلالاً ، وكان بلال قد خرج مع الناس واُمّه قائمة تنتظره ـ فسلّم عليها مسلم فردّت عليه ، ثمّ طلب منها
__________________
١ ـ الارشاد : ٢١٠ ، الملهوف : ٨٢.