[ المجلس الثالث والعشرون ]
لمّا جهّز رسول الله صلىاللهعليهوآله جيش مؤتة جعل الأمير يومئذ ابن عمّه جعفر بن أبي طالب ، وقال صلىاللهعليهوآله : إن اُصيب جعفر فزيد بن حارثة ، فإن اُصيب زيد ، فعبد الله بن رواحة.
وقيل : أنّه قدّم زيداً ، فقال جعفر : ما كنت أرهب أن تستعمل عليَّ زيداً. فقال صلىاللهعليهوآله : امض فانّك لا تدري أي ذلك خير.
قال ابن الأثير : ثمّ ساروا فالتقتهم جموع الروم والعرب بقرية من البلقاء يقال لها ( مشارف ) ، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها ( مؤتة ) فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فقاتل زيد براية رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى شاط في رماح القوم ، ثم أخذها جعفر فقاتل وهو يقول :
يا حبذا الجنّـة واقتـرابها |
|
طيّبة وبارد شرابها |
والروم روم قد دنى عذابها |
|
كافرة بعيدة أنسابها |
علي إذ لاقيتها ضرابها
فلمّا اشتدّ القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ، ثم قاتل القوم حتى قتل ـ وكان أول من عقر فرسه في الاسلام ـ فوجد به بضع وثمانون جرحاً ، ما بين ضربة ورمية وطعنة.
بأبي أنت واُمّي يا أبا عبد الله.
بأبي أنت واُمّي يا بن رسول الله.
لئن وجدوا في جسد عمّك بضعاً وثمانين جرحاً ، فلقد اصبت يوم الطف