[ المجلس الثالث والعشرون ]
ومن خطبة له عليهالسلام :
أما بعد : فانّ الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ، وانّ الآخرة قد أقبلت وأشرقت باطلاع ، ألا وانّ اليوم المضمار ، وغداً السباق ، والسبقة الجنّة ، والغاية النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته.
ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، ألا وانّكم في أيّام أمل ، من ورائه أجل فمن عمل في أيّام أمله قبل حضور أجله ، فقد نفعه عمله ، ولم يضرّه أجله.
ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة.
ألا وانّي لا أرى كالجنّة نام طالبها ، ولا كالنار نام هاربها.
ألا وانّكم قد اُمرتم بالظعن ، ودللتم على الزاد ، وانّي أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فتزوّدوا في الدنيا ما تجهّزوا به أنفسكم غداً ، وتزوّدوا فانّ خير الزاد التقوى. (١)
وسمعه أبو الدرداء يقول في مناجاته في جوف الليل ، وهو مستتر ببعيلات بني النجار :
إلهي اُفكر في عفوك فتهون عليَّ خطيئتي ، ثم اذكر العظيم من أخذك فتعظم على بليّتي.
آه آه ، إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها ، وأنت محصيها ، فتقول : خذوه ، فيا له من مأخذو لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته.
__________________
١ ـ الارشاد للشيخ المفيد : ٢٣٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٩١.