[ المجلس الرابع والثلاثون ]
ومن خطبة له عليهالسلام :
فلو أنّ أحداً يجد إلى البقاء سلّماً ، أو لدفع الموت سبيلاً ، لكان ذلك سليمان بن داود عليه وعلى نبيّنا وآله السلام ، الذي سخر له ملك الجن والانس مع النبوّة ، وعظيم الزلفة ، فلمّا استوفى طعمته ، واستكمل مدّته ، رمته قسي الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الديار منه خالية ، والمساكن معطّلة ، وورثها قوم آخرون. (١)
وان لكم في القرون السالفة لعبرة.
أين العمالقة وأبناء العمالقة؟
أين الفراعنة وأبناء الفراعنة؟
أين أصحاب مدائن الرسّ الذين قتلوا النبيّين ، وأطفأوا سنن المرسلين ، واحيوا سنن الجبّارين؟
أين الذين ساروا بالجيوش ، وهزموا الألوف ، وعسكروا العساكر ، ومدّنوا المدائن؟
أين بنو اُميّة الذين فعلوا الأفاعيل ، ونهضوا بالأباطيل ، وشيّدوا قواعد الظلم والعدوان ، وعلوا على أساس أهل الكفر والطغيان ، فعاثوا في البلاد ، واكثروا فيها الفساد ، فساموا عباد الله سوء العذاب ، يذبّحون أبناءهم ، ويستحيون
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠ : ٩٢.