فصل
علم الباحثون من مدقّقي الفلاسفة انّ في مآتمنا المختصّة بأهل البيت عليهمالسلام أسراراً شريفة (١) تعود على الامّة بصلاح آخرتها ودنياها ، أنبهك إليها بذكر
__________________
١ ـ قال رحمهالله : نبهك الى بعضها ، حكيما الغربيين ، فيلسوفا المستشرقين : الدكتور ( جوزف ) الفرنساوي في كتابه : « الاسلام والمسلمون » ، والمسيو ( ماربين ) الألماني في كتابه « السياسة الاسلامية » ، وقد ترجمت جريدة ( الحبل المتين ) الفارسية في العدد ( ٨٢ ) من اعداد سنة ١٧ [ وقيل : في العدد ( ٢٨ ) من السنة الثامنة بتاريخ ٧ محرم سنة ١٣٢٩ هـ ـ ١٩١١ م ] فصلين من ذينك الكتابين النفيسين يحتويان على أسرار شهادة الحسين وفلسفة مآتمه عليهالسلام ، فكان لهما دوي في العالم الاسلامي وأخذا في الشرق دوراً مهمّاً ، وترجما بالتركية والهندية ، وعرّبهما سيدنا الشريف العلامة الباحث السيد صدر الدين الموسوي نجل الإمام الكبير حجّة الاسلام ، وآية الله في الأنام ، قدوتنا المولى السيد إسماعيل الصدر أبقاه الله ، فنشرت مجلة العلم أحد الفصلين ، ومجلة العرفان نشرت الآخر ، وإليك ما ذكره الدكتور ( جوزف ) تحت عنوان « الشيعة وترقياتها المحيّرة للعقول » قال في جملة كلام له طويل :
لم تكن هذه الفرقة ( يعني الشيعة ) ظاهرة في القرون الإسلامية الاولى كأختها ، ويمكن أن تنسب قلّتهم إلى سببين :
أحدهما : انّ الرئاسة والحكومة التي هي سبب ازدياد تابعي المذهب كانت من بدء الإسلام بيد الفرقة الثانية.
ثانيهما : انّه كان القتل والإغارة عليهم في كل زمان ومكان ، ولهذا حكم أحد أئمّتهم في أوائل القرن الثاني من الإسلام بالتقية واخفاء مذهب الشيعة ، حفظاً لنفوسهم وأموالهم ، فزادت في قوّتهم ، لأنّهم حيث لم يكونوا ظاهرين لم تنلهم أيدي أعدائهم القويّة بالقتل والغارة ، وأقاموا المآتم تحت الستار يبكون فيها على الحسين فأثّرت هذه المآتم في قلوب هذه الطائفة إلى حدّ انّه لم يمر عليها زمن كثير حتى بلغت الأوج في الترقّي ، ودخل في هذه