دليل على أنه عقل من الأمر الفور ، لأن سؤال الركب بعد الوفاة لا معنى له (١).
وأما قول صاحب الكتاب أنه لم ينكر على أسامة تأخره فليس بشيء ، وأي إنكار أبلغ من تكراره الأمر ، ويزداده القول في حال يشغل عن المهم ويقطع عن الفكر إلا فيها ، وقد (٢) ينكر الآمر على المأمور تارة بتكرر (٣) الأمر ، وأخرى بغيره.
وأيده (٤) بما حكاه صاحب المغني عن أبي علي من الاستدلال على عدم كون أبي بكر من الجيش بأمر الصلاة وابتناؤه على كون الأمر للفور واضح. وقد ارتضى صاحب المغني استدلاله. فهذا المنع مناقض له.
أقول (٥) : ومن القرائن الواضحة على أنهم فهموا من هذا الأمر الفور خروجهم عن المدينة ـ مع شدة مرضه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذ العادة قاضية بأنه لو كان لهم سبيل إلى تأخير الخروج حتى يستعلموا مصير الأمر في مرضه صلىاللهعليهوآلهوسلم لتوسلوا إليه بوسعهم ، لاشتغال قلوبهم وحرصهم على العلم ببرئه ، واستعلام حال الخلافة ، ولخوفهم من وقوع الفتن في المدينة ، وفيكون ما استخلفوه من الأموال والأولاد معرضا للهلكة والضياع ، وقد كانوا وتروا (٦) العرب وأورثوهم الضغائن ، ولعمري إنهم ما خرجوا إلا وقد ضاق الخناق عليهم ، وبلغ أمره وحثه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم كل مبلغ ، ونال التقريع والتوبيخ منهم كل منال ، وما سبق من رواية الجوهري واضح الدلالة على أن المراد هو الفور والتعجيل ، وقد اعترف ابن أبي الحديد (٧) بأن الظاهر في هذا الموضع صحة ما ذكره السيد ، لأن قرائن
__________________
(١) في المصدر : لأن سؤال الركب عنه (ص) لا معنى له بعد الوفاة.
(٢) في (س) : ولم ، بدلا من : وقد.
(٣) في الشافي : بتكرار.
(٤) الشافي ٤ ـ ١٤٩ ، وهو حاصل كلامه هناك.
(٥) في (س) : قوله ، بدلا من : أقول.
(٦) الكلمة مشوشة في ( ك ) ، ولعلها : أوتروا.
(٧) في شرحه على النهج ١٧ ـ ١٨٥ بتصرف ، ثم قال : وهذا هو الفور.