الأحوال عند من يقرأ السير والتواريخ (١) يدل على أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحثهم على الخروج والمسير ، انتهى.
على أن التراخي إنما ينفع له إذا كان أبو بكر قد خرج في الجيش ولو بعد حين ، ولم يقل أحد بخروجه مطلقا.
ثم أجاب صاحب المغني (٢) ـ بعد تسليمه كون أبي بكر من الجيش ـ بأن خطابه (ص) بتنفيذ الجيش يجب أن يكون متوجها إلى القائم بالأمر بعده ، لأنه من خطاب الأئمة ، وهذا يقتضي أن لا يكون المخاطب بالتنفيذ في الجملة.
ثم قال : وهذا يدل على أنه لم يكن هناك إمام منصوص عليه ، لأنه لو كان لأقبل بالخطاب عليه ، وخصه بالأمر بالتنفيذ دون الجميع.
ويرد عليه : أن المخاطب في هذا المقام إما الخليفة المنصوص عليه أو من يختاره الأمة ، وإما الجيش المأمور بالخروج ، وإما جميع الحاضرين ـ الجيش وغيرهم ـ ، وإما الجماعة الخارجة من الجيش بأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى أي حال فالمأمور به إما إنفاذ الجيش حال حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعد وفاته ، أو مطلقا.
أما كون المخاطب الخليفة ـ بقسميه ـ مع كون المأمور به تنفيذ الجيش حال الحياة فباطل ، لورود الخطاب بلفظ الجمع ، ولأنه لا حكم للخليفة في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم من حيث الخلافة ، ولأنه لو كان المخاطب هو بعينه لأنكر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تأخر القوم عن الخروج عليه لا على القوم ، والمروي خلافه.
ويخص القسم الثاني بأنه لا معنى لخطاب من يختاره الأمة بعد الوفاة بالأمر بتنفيذ الجيش حال الحياة ، وهو واضح ، وكذا على الإطلاق ، ولو خوطب بالتنفيذ بعد الوفاة فبأمر من خرج الأصحاب حال حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ولما ذا ينكر صلىاللهعليهوآلهوسلم تخلف من تخلف ويحثهم على الخروج؟! وكذا لو كان المخاطب
__________________
(١) في المصدر : ويعرف التواريخ.
(٢) المغني ، الجزء المتمم للعشرين : ٣٤٥ ، وهذا حاصل كلامه ، وقد حكاه عنه في الشافي ٤ ـ ١٤٥.