الإمام المنصوص.
ولو كان المخاطب هو الجيش المأمور بالخروج فعلى الأقسام الثلاثة يكون الداخل فيهم عاصيا بالتخلف حال الحياة أو بعدها أو مطلقا ، وقد ثبت باعتراف الثقات عندهم دخول أبي بكر في الجيش ، فثبت عصيانه بالتخلف على أحد الوجوه ، على أن هذا الكلام من صاحب المغني ـ بعد تسليم كون أبي بكر من الجيش ـ ولعله رجع عن ذلك التسليم معتمدا على دليله هذا ، وهو كما ترى ، وحينئذ يكون المراد بالتنفيذ ـ في كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم أو التجهيز على اختلاف الروايات ـ إتمام أمر الجيش في بلوغه إلى حيث أمر به ، فكل واحد منهم مكلف بالخروج الذي هو شرط لتحقق المأمور به وحصول الامتثال ، وباجتماعهم في ذلك يحصل الغرض.
ولا يذهب عليك أن القسم الثاني من هذه الثلاثة وإن كان مثبتا للمطلوب إلا أنه باطل ، إذ لو كان المأمور به خروجهم بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم لما تركوه في شدة المرض مع تعلق القلوب باستعلام العاقبة في أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر الخلافة وما خلفوه كما سبق ، ولما أنكر صلىاللهعليهوآلهوسلم خروج من تخلف منهم.
ولو كان المخاطب جميع من حضر فمعنى التنفيذ والتجهيز أن يبذل كل منهم جهده في حصول المأمور به ، فالمطلوب من الجيش الخروج ، ومن غيرهم تهيئة أسبابهم وحثهم عليه ، وفعل كل ما هو شرط فيه مما يدخل تحت طاقته ويعصي كل بترك ما أمر به ، فمن كان داخلا في الجيش كالثلاثة بالتخلف ومن خرج بترك ما سبق.
ولو كان المخاطب الجماعة التي لم تؤمر بالخروج فيهم ، كما هو الأظهر من لفظ التنفيذ مع صيغة الجمع ، فمع جريان بعض المفاسد السابقة فيه وبطلانه بأقسامه لا يغني صاحب المغني ، إذ هو مخالف لما تعرض لإثباته من كون الخطاب متوجها إلى الأئمة ، ولا يلزم منه خروج أبي بكر عن المأمورين أيضا ، وهو مما لم يقل به أحد.