ولو سلمنا توجه هذا الخطاب إلى غير الجيش إما (١) كان أو غيره ، نقول لا ريب في أنه متضمن لأمر الجيش بالخروج ، فعصيان من تخلف من الداخلين فيه لازم على هذا الوجه ، فعلى أي تقدير ثبت عصيان أبي بكر واندفع كلام المجيب.
وقوله : لأنه من خطاب الأئمة .. إن أراد به أن الأمر بالتنفيذ لا يصلح لغير الأئمة فقد عرفت ضعفه ، وإن أراد أن الخطاب بصيغة الجمع لا يتوجه إلى غيرهم ، فالظاهر أن الأمر بالعكس ، على أنا لو ساعدناه على ذلك نقول : إذا ثبت كون من تزعمه إماما من الجيش فبعد توجه الخطاب إليه كان مأمورا بالخروج ، عاصيا بتركه ، ويكون معنى التنفيذ والتجهيز ما تقدم ، فإذا قلت بأن الخطاب على هذا الوجه لا يتوجه إلا إلى الأئمة ويستدعي بخروج من توجه إليه الخطاب ، فبعد ثبوت أن أبا بكر كان من الجيش أو تسليمه كان ذلك دليلا على أنه لا يصلح لأن يختاره الأمة للإمامة ، وأما توصله بذلك إلى عدم النص فيتوجه عليه أن كون الخطاب بصيغة الجمع محمولا على ظاهره مع توجهه إلى الإمام يستلزم كون الإمام جماعة ، ولم يقل به أحد ، ولو فتحت به باب التأويل وأولته إلى من يصير خليفة باختياركم أولناه إلى من جعلته خليفة نبيكم ، مع أن توجه الخطاب إلى الخليفة قد عرفت بطلانه بأقسامه.
أقول : قد تكلم السيد رحمهالله في الشافي (٢) وغيره من الأفاضل (٣) في هذا الطعن سؤالا وجوابا ونقضا وإبراما بما لا مزيد عليه ، واكتفينا بما أوردنا لئلا نخرج عن الغرض المقصود من الكتاب ، وكفى ما ذكرنا لأولي الألباب.
__________________
(١) كذا ، وجاءت نسخة بدل في ( ك ) : إماما ، وهو الظاهر.
(٢) الشافي ٤ ـ ١٤٤ ـ ١٥٢.
(٣) كما ذكره في تلخيص الشافي ٣ ـ ١٧٧ ـ ١٨٠ ، وفي الصراط المستقيم ٢ ـ ٢٩٦ ـ ٢٩٩ ، وغيرهما.