ولا أن (١) قوله حجة عند المخالف ، ولكن تعلقوا به ليوهموا أن بيعته غير متفق عليه (٢) ، وأن أول من ذمها من عقدها. انتهى ما ذكره أبو علي.
وبمثل هذا الجواب أجاب الفخر الرازي في نهاية العقول ، (٣) ، وشارح المقاصد (٤) ، وشارح المواقف (٥) ومن يحذو حذوهم.
وأورد السيد الأجل (٦) رضياللهعنه على صاحب المغني : بأن ما تعلقت به من العلم الضروري برضا عمر ببيعة أبي بكر وإمامته .. فالمعلوم ضرورة بلا شبهة أنه كان راضيا بإمامته ، وليس كل من رضي شيئا كان متدينا به معتقدا لصوابه ، فإن كثيرا من الناس يرضون بأشياء من حيث كانت دافعة لما هو أضر منها وإن كانوا لا يرونها صوابا ، ولو ملكوا الاختيار لاختاروا غيرها ، وقد علمنا أن معاوية كان راضيا ببيعة يزيد لعنه الله وولايته العهد من بعده ، ولم يكن متدينا بذلك ومعتقدا صحته ، وإنما رضي عمر ببيعة أبي بكر من حيث كانت حاجزة عن بيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولو ملك الاختيار لكان مصير الأمر إليه آثر في نفسه وأقر لعينه. فإن ادعى أن المعلوم ضرورة تدين عمر ببيعة أبي بكر وأنه أولى بالإمامة منه فهو مدفوع عن ذلك أشد دفع ، مع أنه قد كان يندر (٧) منه ـ أعني عمر ـ في وقت بعد آخر ما يدل على ما ذكرناه.
وقد روى الهيثم بن عدي ، عن عبد الله بن عباس (٨) الهمداني ، عن سعيد
__________________
(١) لا توجد : أن ، في المصدر ، وفيه تقديم : عند المخالف ، على قوله : حجة.
(٢) في المغني والشافي : عليها. وهو الصحيح.
(٣) نهاية العقول : مخطوط.
(٤) شرح المقاصد ٥ ـ ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٥) شرح المواقف : ٨ ـ ٣٥٨.
(٦) الشافي ٤ ـ ١٢٦ ـ ١٣٥ ، وفي الحجرية : ٢٤١ ـ ٢٤٤ ، بتصرف يسير أشرنا لأكثره ، وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٢ ـ ٢٩ ـ ٣٥.
(٧) في الشافي : يبدر.
(٨) في المصدر : عياش.