روي من الأخبار في هذا الباب ، وتعصب لأسلافه (١) ومذهبه (٢) ، وكيف يجوز عند خصومنا على مالك وأصحابه جحد الزكاة مع المقام على الصلاة ، وهما جميعا في قرن (٣)؟! لأن العلم الضروري بأنهما من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وشريعته على حد واحد ، وهل نسبة مالك إلى الردة ـ بعد (٤) ما ذكرناه ـ إلا قدح في الأصول ونقض لما تضمنته من أن الزكاة معلومة ضرورة من (٥) دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم؟.
وأعجب من كل عجيب قوله : وكذلك سائر أهل الردة ـ يعني أنهم كانوا يصلون ويجحدون الزكاة ـ؟! لأنا قد بينا أن ذلك مستحيل غير ممكن ، وكيف يصح ذلك وقد روى جميع أهل النقل أن أبا بكر وصى (٦) الجيش الذين أنفذهم بأن يؤذنوا ويقيموا ، فإن أذن القوم بأذانهم وأقاموا (٧) كفوا عنهم ، وإن لم يفعلوا أغاروا عليهم؟! فجعل إمارة الإسلام والبراءة من الردة الأذان والإقامة ، وكيف يطلق في سائر أهل الردة ما يطلقه من أنهم كانوا يصلون؟! وقد علمنا أن أصحاب مسيلمة وطليحة وغيرهما ممن ادعى النبوة وخلع الشريعة ما كانوا يصلون (٨) ولا شيئا مما جاءت به شريعتنا ، وقصة مالك معروفة عند من تأملها من كتب النقل والسيرة ، وأنه قد كان (٩) على صدقات قومه بني يربوع واليا من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما بلغته وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمسك عن أخذ
__________________
(١) في ( ك ) : لإسلامه ، والمذكور هنا أورده هناك نسخة بدل.
(٢) لا توجد في المصدر : وتعصب لأسلافه ومذهبه ، ولكن أوردها ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١٧ ـ ٢٠٢.
(٣) جاء في حاشية ( ك ) ما يلي : القرن ـ بالتحريك ـ : حبل يجمع به البعيران. منه قدسسره.
انظر : القاموس ٤ ـ ٢٥٨ ، والصحاح ٦ ـ ٢١٨٠ ، وغيرهما.
(٤) في المصدر وشرح النهج : مع ، بدلا من : بعد.
(٥) لا توجد كلمة : من ، في ( ك ).
(٦) في الشافي وشرح النهج : لما وصى ..
(٧) في الشافي وشرح النهج : كأذانهم وإقامتهم.
(٨) في المصدر وشرح النهج : ما كانوا يرون الصلاة ..
(٩) في الشافي : عند من تأملها من أهل النقل لأنه كان ..