إلى قوله : فلما اختلفوا فيهم أمر بهم خالد فحبسوا ـ وكانت ليلة باردة لا يقوم لها شيء ـ فأمر خالد مناديا ينادي : أدفئوا أسراءكم .. فظنوا أنه (١) أمر بقتلهم ، لأن هذه اللفظة تستعمل في لغة كنانة في القتل (٢) ، فقتل ضرار بن الأزور مالكا ... وأن (٣) خالد لما سمع الواعية ، خرج وقد فرغوا منهم ، فقال : إذا أراد الله أمرا أصابه .. ، وتزوج خالد زوجته ، وإن أبا قتادة فارقه وقال : هذا عملك ، فغضب عليه أبو بكر ولم يرض إلا أن يرجع إلى خالد.
ويتوجه عليه أنه يدل على بطلانه ما رواه الطبري (٤) وابن الأثير (٥) وغيرهما (٦) من أرباب السير : أن خالدا كان يعتذر عن قتل مالك بأنه كان يقول ـ وهو يراجع الكلام ـ : ما أخال صاحبكم إلا قال : .. كذا.
وقد حكى قاضي القضاة (٧) عن أبي علي أنه : قتل خالد مالكا لأنه أوهم بقوله ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس صاحبا له ، فلو كان قتله ضرار عن غير أمر خالد فأي حاجة له إلى هذا الاعتذار ، فالتعارض بين الاعتذارين واضح ، فتساقطا.
ويدل على بطلانهما أن عمر لما عاتبه وكسر أسهمه لم يعتذر بأني لم أقتل مالكا بل قتله ضرار عن غير أمري ، أو بأنه ارتد عن الدين لقوله : صاحبك .. فلا موضع لإبداء العذر أليق من ذلك ، وهل يجوز عاقل أن يكون لخالد عذر يرى نفسه به بريئا من الإثم والخيانة ، ثم يصبر مع جرأته وتهتكه على ما أصابه عن (٨)
__________________
(١) في المصدر : أنهم.
(٢) في الشرح : للقتل.
(٣) ومن هنا إلى آخره جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد ١٧ ـ ٢١٣ ، بتصرف واختصار.
(٤) في تاريخه ٣ ـ ٢٧٩.
(٥) في الكامل ٢ ـ ٣٥٩.
(٦) قد سلفت مصادره قريبا ، فلاحظ.
(٧) في المغني ، الجزء المتمم للعشرين : ٣٥٥.
(٨) كذا ، والظاهر : من ، بدلا من : عن.