لي شيطانا يعتريني عند غضبي ، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم ولا أبشاركم .. (١) يدل (٢) على أنه لا يصلح للإمامة من وجهين :
أحدهما : أن هذه صفة من ليس بمعصوم ولا يأمن الغلط على نفسه ، ومن يحتاج إلى تقويم رعيته له إذا واقع المعصية ، وقد بينا أن الإمام لا بد أن يكون معصوما مسددا موفقا.
والوجه الآخر : أن هذه صفة من لا يملك نفسه ، ولا يضبط غضبه ، ومن هو في نهاية الطيش والحدة ، والخرق والعجلة ، ولا خلاف في (٣) أن الإمام يجب أن يكون منزها عن هذه الأوصاف غير حاصل عليها ، وليس يشبه قول أبي بكر ما تلاه من الآيات كلها ، لأن أبا بكر خبر عن نفسه بطاعة الشيطان عند الغضب ، وأن عادته بذلك جارية ، وليس هذا بمنزلة من يوسوس له الشيطان ولا يطيعه ، ويزين له القبيح فلا يأتيه ، وليس وسوسة الشيطان قبحا (٤) بعيب على الموسوس له إذا لم يستزله ذلك عن الصواب ، بل هو زيادة في التكليف ووجه يتضاعف معه الثواب.
وقوله تعالى : ( أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٥) قيل معناه : في تلاوته ، وقيل :في فكرته على سبيل الخاطر ، وأي الأمرين كان فلا عار في ذلك على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا نقص ، وإنما العار والنقص على من يطيع الشيطان ويتبع ما يدعو
__________________
(١) أي لا أترك أثرا في أشعاركم بالنتف ولا في أبشاركم بالجرح ، وهو نوع كناية عن التجاوز والجور.
وقد جاء في الصواعق المحرقة : ٣٠ ، وبلفظ : أقيلوني في صفحة : ٥٠ ، ورياض النضرة ١ ـ ١٧٥ ، والإمامة والسياسة ١ ـ ١٤.
وعبارة ابن قتيبة في صفحة : ١٦ هكذا : لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني .. ثم قال : واحتجب عن الناس ثلاثة يشرف كل يوم يقول : أقلتكم بيعتي.
وقد سبق منا مصادر جمة في أول هذا الطعن ولا حاجة إلى الإعادة ، فراجع.
(٢) في المصدر : فإنه يدل ..
(٣) لا توجد في الشافي كلمة : في.
(٤) لا توجد : قبحا ، في المصدر.
(٥) الحج : ٥٢.