يمنع من جواز استقالة الإمام وطلبه إلى الأمة أن يختاروا غيره لعذر يعلمه من حال نفسه؟! وإنما يمتنع من ذلك المرتضى وأصحابه القائلون بأن الإمامة بالنص .. ، على أنه إذا جاز عندهم ترك (١) الإمام الإمامة في الظاهر ـ كما فعله الحسن عليهالسلام ، والأئمة بعد الحسين عليهمالسلام ـ جاز (٢) للإمام على مذهب أصحاب الاختيار أن يترك الإمامة ظاهرا وباطنا لعذر يعلمه.
والجواب ، أن الكل اتفقوا على اشتراط العدالة في الإمام ، ولا ريب في أنه يكون من الحدة والطيش ما لا يضبط الإنسان نفسه عند هيجانه فيقدم على المعصية ، ولا يدخل بذلك عرفا في زمرة المجانين ، ولا يخرج عن حد التكليف ، وقوله : فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم .. اعتراف باتصافه بفرد بالغ من هذا النوع ، ولا خلاف في كونه قادحا في الإمامة ، وادعاؤه أنه لم ينقل أنه فعل ذلك برجل ، فقد روى نفسه ما يكذبه ، حيث روي عن محمد بن جرير الطبري (٣) أن الأنصار بعثوا عمر إلى أبي بكر يسأله أن يولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة ، فوثب أبو بكر ـ وكان جالسا ـ فأخذ بلحية عمر ، وقال : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب! استعمله رسول الله صلىاللهعليهوآله وتأمرني أن أنزعه؟!. فخرج عمر إلى الناس ، فقالوا : ما صنعت؟. قال : امضوا ثكلتكم أمهاتكم ، ما لقيت في سببكم اليوم من خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله .. إلى آخر ما رواه.
و (٤) وثوبه على عمر بن الخطاب وأخذه بلحيته وشتمه ـ مع كونه معظما مبجلا عنده في أول خلافته ، والمقام لم يكن مقام الخفة والطيش ـ يدل على أن ذلك الصنيع لم يخرج منه مخرج الندرة والافتلات ، بل كان ذلك من الفعل المعتاد ، ومع الإغماض عنه نقول : إن ذلك الشهادة من قبيل الرجم بالغيب ، ومن الذي
__________________
(١) في شرح النهج : أن يترك.
(٢) في المصدر زيادة : للتقية ، قبل كلمة : جاز.
(٣) في تاريخه ٣ ـ ٢٢٦.
(٤) لا توجد الواو في ( ك ).