يوقد (١) له نار في مصلى المدينة ، ثم رمى به فيها مقموطا ـ أي مشدود اليدين والرجلين ـ (٢).
وقد روى القصة كثير من أرباب السير (٣).
وأجاب صاحب المواقف وشارحه (٤) بأن الأصل ـ وهو كون الإمام عالما بجميع الأحكام ـ ممنوع ، وإنما الواجب الاجتهاد ، ولا يقتضي كون جميع الأحكام حاضرة عنده بحيث لا يحتاج المجتهد فيها إلى نظر وتأمل ، وأبو بكر مجتهد ، إذ ما من مسألة ـ في الغالب ـ إلا وله فيه قول مشهور عند أهل العلم ، وإحراق فجاءة إنما كان لاجتهاده وعدم قبول توبته لأنه زنديق ، ولا تقبل توبة الزنديق في الأصح.
وأما قطع يسار السارق ، فلعله من غلط الجلاد ، أو رآه في المرة الثالثة من السرقة ، وهو رأي الأكثر من العلماء. ووقوفه في مسألة الجدة ورجوعه إلى الصحابة في ذلك لأنه غير بدع من المجتهد البحث عن مدارك الأحكام ، انتهى.
وأجيب : بأنه قد ثبت أن من شرائط الإمامة العلم بجميع الأحكام ، وقد ظهر من أبي بكر الاعتراف على نفسه بأنه لم يعرف الحكم فيها ، وعدم تعرض من تصدى للجواب لمنع صحة ما ذكر اعتراف بصحته (٥).
ثم إن الكلالة ـ على ما رواه الأصحاب عن أئمتنا عليهمالسلام ـ أولاد
__________________
(١) في المصدر : أن توقد.
(٢) انظر : الصحاح ٣ ـ ١١٥٤ ـ ١١٥٥ ، ومجمع البحرين ٤ ـ ٢٧٠.
(٣) وقد سلفت منا جملة من المصادر في قصة الفجاءة ، وإليك جملة أخرى منها : تاريخ الطبري ٣ ـ ٢٣٤ ، وتاريخ ابن كثير ٦ ـ ٣١٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٣٤ ، والبداية والنهاية لأبي الفداء ٣ ـ ٣١٩ ، والإصابة ٢ ـ ٣٢٢ ، وشرح القوشجي على التجريد : ٤٨٢ ، وذكرها ملخصة ابن أبي الحديد في شرحه ١٧ ـ ٢٢٢ ، وغيرهم.
(٤) المواقف وشارحه : ٤٠٣ [ شرح المواقف وحواشيه ٨ ـ ٣٤٨ ] وقصة فجاءة في ٨ ـ ٣٥٧.
(٥) لاحظ : المصدر السالف ، والتجريد وشرحه : ٢٩٦ ، والصواعق المحرقة : ٣٣ ، وجهله بهذه المسألة وغيرها جاء ـ أيضا ـ في : سنن ابن ماجة ٣ ـ ١٦٣ ، ومسند أحمد بن حنبل ٤ ـ ٢٢٤ ، وسنن أبي داود ٢ ـ ١٧ ، والموطأ ١ ـ ٣٣٥ ، وغيرها كما سلف بعضه.