وأما الاجتهاد في إحراق فجاءة السلمي فهو من قبيل الاجتهاد في مقابلة النص ، وقد قامت الأدلة على بطلانه ، وما ذكره من عدم قبول توبته لأنه زنديق فاسد ، إذ لم ينقل أحد عن فجاءة إلا الإغارة على قوم من المسلمين ، ومجرد ذلك ليس زندقة حتى لا تقبل توبته ، وقد ذكر في المواقف (١) في الطعن أنه كان يقول : أنا مسلم .. ولم يمنعه في مقام الجواب.
واعلم أن الرواية الدالة على عدم التعذيب بالنار من الروايات الصحيحة عند العامة ، ورواه (٢) البخاري في باب لا يعذب بعذاب الله من كتاب الجهاد (٣) عن أبي هريرة وعن ابن عباس.
ورواه ابن أبي الحديد (٤) أيضا.
والذي رواه أصحابنا ما روي في الفقيه (٥) وغيره (٦) ، عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه نهى أن يحرق شيء من الحيوان بالنار ، لكن في بعض أخبارنا (٧) ما ينافي هذا العموم ، وسيأتي الكلام فيه في كتاب المناهي (٨) إن شاء الله تعالى ، ولا يضر ذلك في الطعن ، لأن بناءه على الإلزام لاعتراف العامة بصحتها.
وما روي من فعل أمير المؤمنين عليهالسلام فهو عندنا استناد إلى نص خاص ورثه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعند العامة استناد إلى الاجتهاد ،
__________________
(١) المواقف : ٤٠٢.
(٢) في (س) : رواه في.
(٣) صحيح البخاري ٤ ـ ٧٤ ـ ٧٥.
(٤) في شرحه على النهج ١٧ ـ ٢٢٢.
(٥) كتاب من لا يحضره الفقيه ٤ ـ ٣ باب ١ ، ذيل حديث الأول.
(٦) أمالي الصدوق : ٢٥٤.
(٧) كما جاء في الكافي ٧ ـ ١٩٩ حديث ٥ ، و ٦ وفي صفحة : ٢٠١ حديث ١ ، وفي صفحة : ٢٠٤ حديث ٣ ، والتهذيب ٦ ـ ١٤٢ باب ٦٣ حديث ٢ ، والمحاسن : ١١٢ باب ٥١ حديث ١٠٦ ، وأورده في بحار الأنوار ٢٥ ـ ٣٠٠ عن رجال الكشي : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٨) بحار الأنوار ٧٦ ـ ٣٢٩.